رحيم القلب. وثابت على التوبة. ومتورع عن الحرام. ومديم على الطهارة. ومؤمن كثير الصدقة.
وحسن الخلق مع الناس. ومن ينفع الناس. وحامل القرآن مديم عليه. وقائم الليل والناس نيام قال (فكم رفقاؤك من أمتي) فقال عشرة. سلطان جائر. وغنى متكبر. وتاجر خائن. وشارب الخمر والقتال. وصاحب الرياء. وآكل مال اليتيم. وآكل الربا. ومانع الزكاة. والذي يطيل الأمل فهؤلاء أصحابي وإخواني فظهر ان الشياطين كما انهم اولياء لاهل الكفر كذلك هم اولياء لمن هو فى حكم اهل الكفر من اهل المعصية ونسأل الله العناية والتوفيق- ويحكى- ان الخبيث إبليس تبدى ليحيى بن زكرياء عليهما السلام فقال انى أريد ان أنصحك قال كذبت أنت لا تنصحنى ولكن أخبرني عن بنى آدم قال هم عندنا على ثلاثة اصناف. اما الصنف الاول منها فاشد الأصناف علينا نقبل عليه حتى نفتنه ونتمكن منه ثم يفزع الى الاستغفار والتوبة فيفسد علينا كل شىء أدركنا منه ثم نعوذ له فيعود فلا نحن نيأس منه ولا نحن ندرك منه حاجتنا فنحن من ذلك فى عناء. واما الصنف الثاني فهم فى أيدينا بمنزلة الكرة فى أيدي صبيانكم نتلقفهم كيف شئنا قد كفونا أنفسهم. واما الصنف الآخر فهم مثلك معصومون لانقدر منهم على شىء قال يحيى بعد ذلك هل قدرت منى على شىء قال لا الا مرة واحدة فانك قدمت طعاما تأكله فلم ازل اشهيه إليك حتى أكلت منه اكثر مما تريد فنمت تلك الليلة فلم تقم الى الصلاة كما كنت تقوم إليها فقال له يحيى لا جرم انى لا أشبع من طعام ابدا قال له الخبيث لا انصح آدميا بعدك ولقى يحيى بن زكريا إبليس فى صورته ايضا فقال له أخبرني من أحب الناس إليك وابغض الناس إليك فقال أحب الناس الى المؤمن البخيل وابغضهم الى الفاسق السخي قال يحيى وكيف ذلك قال لان البخيل قد كفانى بخله والفاسق السخي أتخوف ان يطلع الله عليه فى سخاه فيقبله ثم ولى وهو يقول لولا انك يحيى لم أخبرك كذا فى آكام المرجان فى احكام الجان وَإِذا فَعَلُوا اى كفار قريش فاحِشَةً اى فعلة متناهية فى القبح كعبادة الصنم وكشف العورة فى الطواف ونحوهما قالُوا جوابا للناهين عنها محتجين على حسنها بامرين الاول تقليد الآباء وهو قولهم وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا والثاني الافتراء على الله وهو قولهم وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها فاعرض الله تعالى عن رد احتجاجهم الاول لظهور فساده فان التقليد لا يعتبر دليلا على صحة الفعل الذي قام الدليل على بطلانه وان كان معتبرا فى غيره ورد الثاني بقوله قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ لان عادته تعالى جرت على الأمر بمحاسن الافعال والحث على مكارم الخصال أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ انه أمركم بذلك وذلك لان طريق العلم اما السماع من الله تعالى ابتداء اى من غير توسط رسول يبلغهم ان الله تعالى أمرهم بذلك وانتفاؤه ظاهر واما المعرفة بواسطة الأنبياء وهم ينكرون نبوة الأنبياء على الإطلاق فلا طريق لهم الى العلم باحكام الله تعالى فكان قولهم والله أمرنا بها قولا على الله بما لا يعملون وهو اى قوله أتقولون من تمام القول المأمور به والهمزة لانكار الواقع واستقباحه والاشارة فى الآية ان الفاحشة طلب الدنيا وحبها والحرص على جمعها فان افحش الفواحش حب الدنيا لانه رأس كل خطيئة. والمعنى إذا وقع اهل الغفلة فى طلب الدنيا وزينتها