وذلك لانه يستصغر عند الجنة ونعيمها الدنيا وما فيها وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وأحكامها المشروحة فيه من البعث والحساب والجزاء أَعْتَدْنا لَهُمْ [آماده كرديم براى ايشان] اى فيما كفروا به وأنكروا وجوده من الآخرة عَذاباً أَلِيماً وهو عذاب جهنم والجملة معطوفة على جملة يبشر بإضمار يخبر ويجوز ان يكون معطوفا على ان لهم اجرا كبيرا فالمعنى انه يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم وعقاب أعدائهم فان المرء يستبشر ببلية عدوه
يا وصال يار يا مرك عدو ... بازي چرخ زين دو يك كارى كند
واعلم ان القرآن مظهر الاسم الهادي وهو كتاب الله الصامت والنبي عليه السلام كتاب الله الناطق وكذا ورثته الكمل بعده وان الدلالة والإرشاد انما تنفع المؤمنين العاملين بما فيه وهو لم يترك شيأ من امور الدين والدنيا الا وتكفل ببيانه اما اجمالا او تفصيلا. قال ابن مسعود رضى الله عنه إذا أردتم العلم فآثروا القرآن فان فيه علم الأولين والآخرين- روى- انه تفكر بعض العارفين فى انه هل فى القرآن شىء يقوى قوله عليه السلام (يخرج روح المؤمن من جسده كما يخرج الشعر من العجين) فختم القرآن بالتدبر فما وجده فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فى منامه وقال يا رسول الله قال الله تعالى وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فما وجدت معنى هذا الحديث فى كتاب الله تعالى فقال عليه السلام (اطلبه فى سورة يوسف) فلما انتبه من نومه قرأها فوجده وهو قوله فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ اى لما رأين جمال يوسف عليه السلام اشتغلن به وما وجدن ألم القطع وكذلك المؤمن إذا رأى ملائكة الرحمة ورأى انعامه فى الجنة وما فيها من النعيم والحور والقصور اشتغل قلبه بها ولا يجد ألم الموت وانفهم من الحكاية ان القارئ ينبغى ان يقرأ القرآن بتدبر تام حتى يصل الى كل مرام وقد نهى النبي عليه السلام ان يختم القرآن فى اقل من ثلاث وقال (لم يفقه) اى لم يكن فقيها فى الدين (من قرأ القرآن فى اقل من ثلاث) يعنى لا يقدر الرجل ان يتفكر ويتدبر فى معنى القرآن فى ليلة او ليلتين لانه يقرأ على العجلة حينئذ بل ينبغى ان يقرأ القرآن فى ثلاث ليال او اكثر حتى يقرأ عن طيب نفس ونشاطها ويتفرغ لتدبر معناه ولذا اختار بعضهم الختم فى كل جمعة وبعضهم فى كل شهر وبعضهم فى كل سنة بحسب درجات التدبر والتفتيش ويغتنم الحضور الدعاء عند ختم القرآن فانه يستجاب وفى الحديث (من شهد خاتمه القرآن كان كمن شهد المغانم حين تقسم ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا فى سبيل الله) ففى الافتتاح عند الاختتام إحراز لهاتين الفضيلتين وإذلال للشيطان قال فى شرح الجزري ينبغى ان يلح فى الدعاء وان يدعو بالأمور المهمة والكلمات الجامعة وان يكون معظم ذلك او كله فى امور الآخرة وامور المسلمين وصلاح سلاطينهم وسائر ولاة أمورهم فى توفيقهم للطاعات وعصمتهم من المخالفات وتعاوتهم على البر والتقوى وقيامهم بالحق عليه وظهورهم على اعداء الدين وسائر المخالفين ومما يقول النبي عليه السلام عند ختم القرآن (اللهم ارحمني بالقرآن العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى ورحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين) وكان ابو القاسم