الى الخزانة السلطانية ثم يطلب من السلطان ان يفيض عليه سجال العطاء من هذه الخزانة قال تعالى وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ فالسماء قبلة الدعاء ومحل نزول البركات والأفضل ان يبسط كفيه ويكون بينهما فرجة وان قلت ولا يضع احدى يديه على الاخرى فان كان وقت عذر او برد فاشار بالمسبحة قام مقام بسط كفيه. والمستحب ان يرفع يديه عند الدعاء بحذاء صدره كذا روى ابن عباس رضى الله عنهما فعل النبي عليه السلام كذا فى القنية إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ اى المجاوزين ما أمروا به فى الدعاء وغيره نبه به على ان الداعي ينبغى ان لا يطلب ما لا يليق كرتبة الأنبياء والصعود الى السماء وقيل هو الصياح فى الدعاء والإسهاب فيه وعن النبي صلى الله عليه وسلم (سيكون قوم يعتدون فى الدعاء وحب المرء ان يقول اللهم انى اسألك الجنة وما قرّب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرّب إليها من قول وعمل ثم قرأ انه لا يحب المعتدين) فاللائق للداعى ان يدعو باهمّ الأمور وهو الفوز بالجنة والنجاة من النار كما قال النبي عليه السلام للاعرابى الذي قال انى اسأل الله الجنة وأعوذ به من النار انى لا اعرف دندنتك ولا دندنة معاذ وقال (حولهما ندندن) ومعناه انى لا اعرف ما تقول أنت ومعاذ يعنى من الاذكار والدعوات المطولة ولكنى اختصر على هذا المقدار فاسأل الله الجنة وأعوذ به من النار ومعنى قوله عليه السلام (حولهما ندندن) ان القصد بهذا الذكر الطويل الفوز بهذا الاجر الجزيل وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بالكفر والمعاصي بَعْدَ إِصْلاحِها ببعث الأنبياء وشرع الاحكام قال الحدادي وقيل معناه لا تعصوا فى الأرض فيمسك المطر عنها ويهلك الحرث بمعاصيكم وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً مصدران فى موقع الحال اى خائفين من الرد لقصور أعمالكم وعدم استحقاقكم وطامعين فى اجابته تفضلا وإحسانا لفرط رحمته إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
وتذكير قريب مع انه مسند الى ضمير الرحمة لتأويل الرحمة بالرحم فان الرحم بضم الراء بمعنى الرحمة قال الله تعالى وَأَقْرَبَ رُحْماً قال الكسائي أراد ان إتيان رحمة الله قريب كقوله وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً اى لعل إتيانها والمعنى ان رحمة الله قريب من الداعين بلسان ذاكر شاكر وقلب حاضر طاهر وترجيح للطمع وتغليب لجانب الرحمة وتنبيه على وسيلة الاجابة اعنى الإحسان المفسر (بان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك) وفى الحديث (ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة) يعنى ليكن الداعي ربه على يقين بان الله يجيب لان رد الدعاء اما للعجز فى اجابته او لعدم كرم فى المدعو او لعدم علم المدعو بدعاء الداعي وهذه الأشياء منتفية عن الله تعالى فانه عالم كريم قادر لا مانع له من الاجابة قال سهل ما اظهر عبد فقره الى الله تعالى فى وقت الدعاء فى شىء يحل به الا قال الله تعالى للملائكته لولا انه لا يحتمل كلامى لأجبته لبيك- وحكى- ان موسى عليه السلام مرّ برجل يدعو ويتضرع فقال موسى لو كانت حاجته بيدي لقضيتها فاوحى الله تعالى اليه انا ارحم به منك ولكنه يدعونى وله غنم وقلبه فى غنمه وانا لا اقبل دعوة عبد قلبه عند غيرى فذكر ذلك للرجل فتوجه الى الله بقلبه فقضيت حاجته فيلزم حضور القلب وحسن الظن بالله فى اجابة الدعاء- وحكى- عن بعض البله وهو فى طواف الوداع انه قال له رجل وهو يمازحه