كل مذنب رجع الى التزام الطاعة وفى التأويلات النجمية هو التواب هو الموفق للتوبة بلطفه وكرمه ولولا توفيقه ما تاب مذنب قط كما لا يتوب إبليس لعدم التوفيق: وفى المثنوى جز عنايت كه كشايد چشم را جز محبت كه نشاند خشم را جهد بي توفيق خود كس را مباد در جهان والله اعلم بالرشاد الرَّحِيمُ من مات على التوبة ورحمة الله على العباد ارادة الانعام عليهم ومنع الضرر عنهم. ويجوز ان يرجع ضمير أَلَمْ يَعْلَمُوا الى غير التائبين من المؤمنين فالآية إذا ترغيب للعصاة فى التوبة والصدقة وَقُلِ لهم بعد ما بان لهم شأن التوبة اعْمَلُوا ما شئتم من الأعمال فظاهره ترخيص وتخيير وباطنه ترغيب وترهيب فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ فانه لا يخفى عليه خيرا كان او شرا تعليل لما قبله وتأكيد للترغيب والترهيب والسين للتأكيد وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ فى الخبر (لو ان رجلا عمل فى صخرة لا باب لها ولا كوة لخرج عمله الى الناس كائنا ما كان) والمعنى انه تعالى لا يخفى عليه عملهم كما رأيتم وتبين لكم ثم ان كان المراد بالرؤية معناها الحقيقي فالامر ظاهر وان أريد بها مآلها من الجزاء خيرا او شرا فهو خاص بالدنيوى من اظهار المدح والثناء والذكر الجميل والإعزاز ونحو ذلك من الاجزية وأضدادها وَسَتُرَدُّونَ اى بعد الموت إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ قدم الغيب على الشهادة لسعة عالمه وزيادة خطره وعن ابن عباس رضى الله عنهما الغيب ما يسترونه من الأعمال والشهادة ما يظهرونه كقوله تعالى يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ فالتقديم حينئذ لتحقيق ان نسبة علمه المحيط بالسر والعلن واحدة على ابلغ وجه وآكده لا إيهام ان علمه تعالى بما يسرون اقدم منه بما يعلنون كيف لا وعلمه سبحانه بمعلوماته منزه عن ان يكون بطريق حصول الصورة بل وجود كل شىء وتحققه فى نفسه علم بالنسبة اليه تعالى وفى هذا المعنى لا يختلف الحال بين الأمور البارزة والكامنة قال فى التأويلات النجمية وَسَتُرَدُّونَ باقدام أعمالكم الى الله الذي هو عالم بما غاب عنكم وغبتم عنه فاما ما غاب فهو نتائج أعمالكم من الخير والشر وجزاؤها فانها ان لم تغب عنكم زدتم فى الخير وما عملتم شرا واما ما غبتم عنه فهو التقدير الأزلي والحكمة فيما جرى به القلم من اعمال الخير والشر وعالم بما تشاهده العيون والقلوب فى الملك والملكوت فَيُنَبِّئُكُمْ عقيب الرد الذي هو عبارة عن الأمر الممتد الى يوم القيامة بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قبل ذلك فى الدنيا والمراد بالتنبئة الإظهار لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته اى يظهر لهم على رؤس الاشهاد ويعلمهم اى شىء شنيع كانوا يعملونه فى الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء انتهى فعلى العاقل ان يسعى فى طريق الأعمال الصالحة ويجتنب عن ارتكاب الافعال الفاضحة كيلا يفتضح عند الله وعند الرسول وكافة المؤمنين قال فى التأويلات النجمية ان لعمل المحسن وخلوصه نورا يصعد الى السموات بقدر قوة صدقه وإخلاصه فالله تعالى يراه بنور ألوهيته وروح الرسول عليه السلام يراه بنور نبوته وأرواح المؤمنين يرونه بنور ايمانهم فاستعلاء ذلك بصفائه وضوئه يكون على قدر علو همة المحسن وخلوص نيته وصفاء طويته. وان لعمل المسيء ظلمة تصعد الى السموات بقدر