راحلة قال في المفردات الركوب في الأصل كون الإنسان على ظهر حيوان وقد يستعمل فى السفينة والراكب اختص في التعارف بممتطى البعير جمعه ركب وركبان وركوب واختص الركاب بالمركوب والمعنى ما قطعتم ولها شقة بعيدة ولا لقيتم مشقة شديدة ولا قتالا شديدا وذلك وانه كانت قرى بنى النضير على ميلين من المدينة وهى ساعة واحدة بحساب الساعات النجومية فذهبوا إليها مشيا وما كان فيهم راكب الا النبي عليه السلام وكان يركب حمارا مخطوما بليف على ما سبق او جملا على ما قاله البعض فافتتحها صلحا من غير أن يجرى بينهم مسايفة كأنه قال وما أفاء الله على رسوله منهم فما حصلتموه بكد اليمين وعرق الجبين وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ اى سنته تعالى جارية على أن يسلطهم على من يشاء من أعدائهم تسليطا خاصا وقد سلط النبي عليه السلام على هؤلاء تسليطا غير معتاد من غير أن تقتحموا مضايق الحطوب وتقاسوا شدائد الحروب فلا حق لكم في أموالهم يعنى ان الأمر فيه مفوض اليه يضعه حيث يشاء فلا يقسم قسمة الغنائم التي قوتل عليها وأخذت عنوة وقهرا وذلك انهم طلبوا القسمة كخيبر فنزلت وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيفعل ما يشاء كما يشاء تارة على الوجوه المعهودة واخرى على غيرها
تيغى كه آسمانش از فيض خود دهد آب ... تنها جهان بگيرد بي منت سپاهى
اعلم ان الفيض الإلهي الفائض من الله على ساحة قلب السالك على قسمين اما بالوهب المحض من خزانة اسمه الوهاب من غير تعمل من العامل فيه من ركض خيل النية الصالحة ومن سوق ركاب العمل الصالح من الفرائض والنوافل فهو مقطوع الروابط من جانب السالك العامل فليس للسالك أن يضيف ذلك الفيض والوارد القلبي الى نفسه بوجه من الوجوه ولا الى الأعمال الصادرة منه بسبب الأعضاء والجوارح بل يتركه على صرافة الوهب الرباني وطراوة العطاء الامتنانى والآية الكريمة دالة هذا القسم واما مشوب بتعمله فهو من خزانة اسمه الجواد فله أن يضيفه الى نفسه وأعضائه وجوارحه ليظهر اثره عليها كلها والآية الثالثة الآتية تشير الى القسم الثاني وقد جمع بينهما قوله تعالى لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم فان الاول اشارة الى الاول والثاني الى الثاني وأراد برسوله رسول القلب وانما سمى القلب بالرسول لان الرسالة من حضرة الروح الى النفس الكافرة والهوى الظالم بدعوتهما الى الحق تعالى بالايمان والهدى ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى بيان لمصارف الفيء بعد بيان إفاءته عليه صلّى الله عليه وسلّم من غير ان يكون للمقاتلة فيه حق ولذا لم يعطف عليه كأنه لما قيل ما أفاء الله على رسوله من اموال بنى النضير شيء لم تحصلوه بالقتال والغلبة فلا يقسم قسمة الغنائم فكأنه قيل فكيف يقسم فقيل ما أفاء الله إلخ قال في برهان القرآن قوله وما أفاء الله وبعده ما أفاء الله بغير واو لان الاول معطوف على قوله ما قطعتم من لينة والثاني استئناف وليس له به تعلق وقول من قال بدل من الاول مزيف عند اكثر المفسرين انتهى وإعادة عين العبارة الاولى لزيادة التقرير ووضع اهل القرى موضع ضميرهم للاشعار بشمول ما لعقاراتهم ايضا فالمراد بالقرى قرى بنى النضير (وقال الكاشفى) من اهل القرى