ويا كذا فيكون ذلك أشد لتوبيخهم وخزيهم وفى التأويلات النجمية أولئك ينادون من مكان بعيد لأن النداء انما يجيىء من فوق أعلى عليين وهم فى أسفل السافلين من الطبيعة الانسانية وهم ابعد البعداء وقال ذو النون رحمه الله من وقر سمعه وصم عن نداء الحق فى الأزل لا يسمع ندائه عند الإيجاد وان سمعه كان عليه عمى ويكون عن حقائقه بعيدا وذلك انهم نودوا عن بعد ولم يكونو بالقرب نسأل الله القرب على كل حال وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ اى وبالله لقد آتيناه التوراة فاختلف فيها فمن مصدق لها ومن مكذب وغيروها من بعده بخمسمائة عام وهكذا حال قومك فى شأن ما آتيناك من القرآن فمن مؤمن به ومن كافر وان كانوا لا يقدرون على تحريفه فانا له لحافظون فالاختلاف فى شأن الكتب عادة قديمة للامم غير مختص بقومك ففيه نسلية له عليه السلام وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ فى حق أمتك المكذبة وهى العدة بتأخير عذابهم والقصل بينهم وبين المؤمنين من الخصومة الى يوم القيامة بنحو قوله تعالى بل الساعة موعدهم وقوله تعالى ولكن يؤخرهم الى أجل مسمى لَقُضِيَ فى الدنيا وحكم بَيْنَهُمْ باستئصال المكذبين كما فعل بمكذبى الأمم السالفة يقول الفقير انما لم يفعل الاستئصال لأن نبينا عليه السلام كان نبى الرحمة ولان مكة كانت مهاجر الأنبياء والمرسلين ومهبط الملائكة المقربين بانواع رحمة رب العالمين فلو وقع فيها الاستئصال لكانت مثل ديار عاد وثمود ووقعت النفرة لقلوب الناس وقد دعا ابراهيم عليه السلام بقوله فاجعل افئدة من الناس تهوى إليهم فكان من حكمته ان لا يجعل الحرم المبارك الآمن مصارع السوء وان يقيه من نتائج سخطه وَإِنَّهُمْ اى كفار قومك لَفِي شَكٍّ مِنْهُ اى من القرآن مُرِيبٍ موجب للاضطراب موقع فيه وبالفارسية كمانى باضطراب آورده وتمامه فى آخر سورة سبأ فارجع والشك عبارة عن تساوى الطرفين ولتردد فيهما من غير ترجيح والوهم ملاحظة الطرف المرجوح وكلاهما تصور لا حكم معه اى لا تصديق معه أصلا مَنْ هر كه عَمِلَ صالِحاً بان آمن بالكتب وعمل بموجبها فَلِنَفْسِهِ فعمله او فنفعه لنفسه لا لغيره وَمَنْ أَساءَ وهر كه بكند عمل بد والاساءة بدى كردن فَعَلَيْها ضرره لا على غيرها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فيفعل بهم ما ليس له ان يفعله بل هو العادل المتفضل الذي يجازى كل أحد بكسبه وهو اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله مبنى على تنزيل ترك اثابة المحسن بعمله او اثابة الغير بعمله وتنزيل التعذيب بغير إساءة او بإساءة غيره منزلة الظلم الذي يستحيل صدوره عن سبحانه اى هو منزه عن الظلم يقال من ظلم وعلم أنه يظلم فهو ظلام وقال بعضهم أصله وما ربك بظالم ثم نقل مع نفيه الى صيغة المبالغة فكانت المبالغة راجعة الى النفي على معنى أن الظلم منفى عنه نفيا مؤكدا مضاعفا ولو جعل النفي داخلا على صيغة المبالغة بتضعيف ظالم بدون نفيه ثم ادخل عليه النفي لكان المعنى أن تضعيف الظلم منفى عنه تعالى ولا يلزم منه نفيه عن أصله والله تعالى منزه عن الظلم مطلقا ويجوز ان يقال صيغة المبالغة باعتبار كثرة العبيد لا باعتبار كثرة الظلم كما قال تعالى ولا يظلم ربك أحدا وفى الحديث القدسي انى حرمت الظلم على نفسى وعلى عبادى ألا فلا تظالموا بفتح التاء أصله تتظالموا