وَاللَّهُ تعالى وحده جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ من جنسكم أَزْواجاً نساء لتأنسوابها وتقيموا بذلك جميع مصالحكم ويكون أولادكم أمثالكم. ومن هنا أخذ بعض العلماء انه يمتنع ان يتزوج المرء امرأة من الجن إذ لا مجانسة بينهما فلا مناكحة وأكثرهم على إمكانه ويدل عليه ان أحد أبوي بلقيس كان جنيا قال ابن الكلبي كان أبوها من عظماء الملوك فتزوج امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن فولدت له بلقيس وفيه حكايات اخر فى آكام المرجان فان قيل غلبة عنصر النار فى الجن تمنع من ان تتكون النطفة الانسانية فى رحم الجنية لما فيها من الرطوبات فتضمحل ثمة لشدة الحرارة النيرانية وقس عليه نكاح الجنى الانسية قلت انهم وان خلقوا من نار فليسوا بباقين على عنصرهم الناري بل قد استحالوا عنه بالا كل والشرب والتوالد والتناسل كما استحال بنوا آدم عن عنصرهم الترابي بذلك على ان الذي خلق من نار هو ابو الجن كما خلق آدم ابو الانس من تراب واما كل واحد من الجن غير ابيهم فليس مخلوقا من النار كما ان كل واحد من بنى آدم ليس مخلوقا من تراب. وذكروا ايضا جواز المناكحة بين الإنسان وانسان الماء كما قال فى حياة الحيوان ان فى بحر الشام فى بعض الأوقات من شكله شكل انسان وله لحية بيضاء يسمونه شيخ البحر فاذا رآه الناس استبشروا بالخصب- وحكى- ان بعض الملوك حمل اليه انسان ماء فاراد الملك ان يعرف حاله فزوجه امرأة فاتاه منها ولد يفهم كلام أبويه فقيل للولد ما يقول أبوك قال يقول أذناب الحيوان كلها فى أسفلها فما بال هؤلاء اذنابهم فى وجوههم. وذكروا ايضا بنات الماء ومناكحة الإنسان اياهن وتولد الأولاد منهن وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ اى جعل لكل منكم من زوجه لا من زوج غيره بَنِينَ [فرزندان] وَحَفَدَةً جمع حافد وهو الذي يسرع فى الخدمة والطاعة ومنه قول القانت وإليك نسعى ونحفد اى جعل لكم خدما يسرعون فى خدمتكم وطاعتكم ويعينونكم كاولاد الأولاد ونحوهم يقول الفقير حمل الحفدة على البنات كما فعله البعض بناء على انهن يخدمنه فى البيوت أتم خدمة ضعيف لان الخطاب لكون السورة مكية مع المشركين وهم كانوا تسودّ وجوههم حين الاخبار بالبنات فلا يناسب مقام الامتنان حملها عليهن وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من اللذائذ كالعسل ونحوه ومن للتبعيض لان كل الطيبات فى الجنة وما طيبات الدنيا الا أنموذج منها يقول الفقير المقصود الطيبات المنفهمة بحسب العرف وهى طيبات البلدة والناحية والإقليم لا الطيبات المشتملة عليها الدنيا والجنة فكل الطيبات مرزوق بها العباد أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ الفاء فى المعنى داخلة على الفعل وهى للعطف على مقدر اى أيكفرون بالله الذي شأنه هذا فيؤمنون بالباطل وهو ان الأصنام تنفعهم وان البحاثر ونحوها حرام وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ حيث يضيفونها الى الأصنام او المراد بالباطل الأصنام وما يفضى الى الشرك وبنعمة الله الإسلام والقرآن وما فيه من التوحيد والاحكام. والباطل عند اهل الحقيقة قسمان باطل حقيقى وهو ما لا تحقق ولا وجود ولا ثبوت له بان لم يقع التجلي الإلهي فى عالمه أصلا وقسم باطل مجازى وهو التعينات الموجودة كلها اما بطلانه فلكونه عدما فى نفسه «ألا كل شىء ما خلا الله باطل» واما مجازيته فلكونه مجلى ومرآة للوجود الإضافي والحق المجازى والمؤمن بالباطل مطلقا كافر بالله تعالى