للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره وفى الحديث (ما منكم من أحد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى الا ما قدم فينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق ثمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة) يعنى من لم يجد شيأ يتقى به النار فليتق منها بقول حسن يطيب به قلب المسلم فان الكلمة الطيبة من الصدقات. والاشارة فى الآية ان الله تعالى أخذ الميثاق من اليهود والنصارى على التوحيد كما أخذ من هذه الامة يوم الميثاق ولكنه لما وكل الفريقين الى أنفسهم نسوا ما ذكروا به فما بقي لهم حظ من ذلك الميثاق بابطال الاستعداد الفطري لكمال الانسانية فصاروا كالانعام بل هم أضل اى بل كالسباع يتحارشون ويتناوشون بالعداوة والبغضاء الى يوم القيامة فان ارباب الغفلة لا الفة بينهم وان اصحاب الوفاق لا وحشة بينهم واما هذه الامة لما أيدت بتأييد الا له إذ كتب فى قلوبهم الايمان بقلم خطاب ألست بربكم يوم الميثاق وأيدهم بروح منه ما نسوا حظا مما ذكروا به وقيل لنبيهم عليه الصلاة والسلام وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وقال تعالى خطابا لهم إذ لم ينسوا حظهم ولم ينقضوا ميثاقهم فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ على ان ذكره إياهم كان قبل وجودهم وذكرهم إياه حين ذكرهم المحبة وقال يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ كذا فى التأويلات النجمية يا أَهْلَ الْكِتابِ يعنى اليهود والنصارى والكتاب جنس شامل للتوراة والإنجيل قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا الاضافة للتشريف والإيذان بوجوب اتباعه يُبَيِّنُ لَكُمْ

حال من رسولنا اى حال كونه مبينا لكم على التدريج حسبما تقتضيه المصلحة كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ اى كثيرا كائنا من الذي كنتم تخفونه على الاستمرار حال كونه من الكتاب اى التوراة والإنجيل الذي أنتم اهله والمتمسكون به كنعت محمد عليه السلام وآية الرجم فى التوراة وبشارة عيسى بأحمد عليهما السلام فى الإنجيل وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ مما تخفونه اى لا يظهره ولا يخبره إذا لم يضطر اليه امر دينى صيانة لكم عن زيادة الافتضاح قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ المراد بالنور والكتاب هو القرآن لما فيه من كشف ظلمات الشرك والشك وابانة ما خفى على الناس من الحق او الاعجاز الواضح والعطف المنبئ على تغاير الطرفين لتنزيل المغايرة بالعنوان منزلة المغايرة بالذات وقيل المراد بالأول هو الرسول صلى الله عليه وسلم وبالثاني القرآن يَهْدِي بِهِ اللَّهُ وحد الضمير لان المراد بهما واحد بالذات او لانهما فى حكم الواحد فان المقصود منهما دعوة الخلق الى الحق أحدهما رسول الهى والآخر معجزته وبيان ما يدعو اليه من الحق مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ اى رضاه بالايمان به سُبُلَ السَّلامِ اى طرق السلامة من العذاب والنجاة من العقاب على ان يكون السلام بمعنى السلامة كاللذاذ واللذاذة والرضاع والرضاعة او سبيل الله تعالى وهو شريعته التي شرعها للناس على ان يكون السلام هو الله تعالى وانتصاب سبل بنزع الخافض فان يهدى انما يتعدى الى الثاني بالى او باللام كما فى قوله تعالى إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُخْرِجُهُمْ الضمير لمن والجمع باعتبار المعنى كما ان الافراد فى اتبع باعتبار اللفظ مِنَ الظُّلُماتِ اى ظلمات فنون الكفر والضلال إِلَى النُّورِ الى الايمان وسمى الايمان نورا لان الإنسان إذا آمن ابصر به طريق نجاته فطلبه وطريق هلاكه فحذره بِإِذْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>