للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهرة بالكثرة وفي تكرير ربنا اظهار لكمال الضراعة وفي الأثر من حزبه أمر فقال خمس مرات ربنا أنجاه الله مما يخاف قال الامام الرازي اعلم ان العقل يدل على تقديم ذكر الله فى الدعاء لان ذكر الله تعالى بالثناء والتعظيم بالنسبة الى جوهر الروح كالاكسير الأعظم بالنسبة الى النحاس فكما ان ذرة من الإكسير إذا وقعت على عالم النحاس انقلب الكل ذهبا إبريزا فكذا إذا وقعت ذرة من اكسير معرفة جلال الله تعالى على جوهر الروح قوى صفاء وكمل إشراقا ومتى صار كذلك كانت قوته أقوى وتأثيره أكمل وكان حضور الشيء المطلوب عنده أقوى وأكمل وهذا هو السبب في تقديم الدعاء بالثناء انتهى والوارد في القرآن من الدعاء مذكور غالبا بلفظ الرب فان على العبد أن يذكر اولا إيجاد الله وإخراجه من العدم الى الوجود الذي هو أصل المواهب ويتفكر في تربية الله إياه ساعة فساعة واما دعوات رسول الله عليه السلام فاكثرها الابتداء بقوله اللهم لانه مظهر الاسم الجامع وقد كان يجمع بينهما ويقول اللهم ربنا كما جمع عيسى عليه السلام وقال اللهم ربنا انزل علينا مائدة من السماء والله سميع الدعاء وقابل الرجاء أَلَمْ تَرَ استئناف لبيان التعجب مما جرى بين الكفرة والمنافقين من الأقوال الكاذبة والأحوال الفاسدة والمعنى آيا نكاه نكرده يا محمد أو يا من له حظ من الخطاب إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا من اهل المدينة قال الراغب النفق الطريق النافذ والسرب في الأرض النافذ ومنه نافقا اليربوع وقد نافق اليربوع ونفق ومنه النفاق وهو الدخول في الشرع من باب والخروج عنه من باب على هذانبه بقوله ان المنافقين هم الفاسقون اى الخارجون عن الشرع يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ اللام للتبليغ والمراد بالاخوان بنوا النضير وبأخوتهم اما توافقهم في الكفر فان الكفر ملة واحدة او صداقتهم وموالاتهم لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ اللام موطئة للقسم وهى اللام الداخلة على حرف الشرط بعد تمام القسم ظاهرا او مقدرا ليؤذن ان الجواب له لا للشرط وقد تدخل على غير الشرط والمعنى والله لئن أخرجتم أيها الاخوان من دياركم وقراكم قسرا بإخراج محمد وأصحابه إياكم منها لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ البتة ونذهبن في صحبتكم أينما ذهبتم لتمام المحبة بيننا وبينكم وهو جواب للقسم وجواب الشرط مضمر ولما كان جواب القسم وجواب الشرط متماثلين اقتصر على جواب القسم وأضمر جواب الشرط وجعل المذكور جوابا للقسم بسعة وكذا قوله لا يخرجون معهم وقوله لا ينصرونهم كل واحد منهما جواب القسم ولذلك رفعت الافعال ولم تجزم وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ اى في شأنكم أَحَداً يمنعنا من الخروج معكم أَبَداً وان طال الزمان ونصبه على الظرفية وهو لاستغراق المستقبل كما ان الأزل لاستغراق الماضي ولاستعمالهما في طول الزمانين جدا قد يضافان الى جمعهما فيقال أبد الآباد وازل الآزال واما السرمد فلاستغراق الماضي والمستقبل يعنى لاستمرار الوجود لا الى نهاية في جانبهما (ومنه قول المولى الجامى)

دردت زازل آيد تا روز ابد پايد ... چوق شكر كزارد كس اين دولت سرمد را

وَإِنْ قُوتِلْتُمْ اى قاتلكم محمد وأصحابه حذفت منه اللام الموطئة لَنَنْصُرَنَّكُمْ اى

<<  <  ج: ص:  >  >>