للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاقل فضلا عن ترغيب الغير عنها قدم الخبر على المبتدأ للاهتمام والاولى كونه مبتدأ وأنت فاعله سد مسد الخبر لئلا يلزم الفصل بين الصفة وما يتعلق بها وهو عن كذا فى تفسير الشيخ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ والله لئن لم ترجع عما كنت عليه من النهى عن عبادتها لَأَرْجُمَنَّكَ بالحجارة حتى تموت او تبعد عنى وقيل باللسان يعنى الشتم والذم ومنه الرجيم المرمى باللعن واصل الرجم الرمي بالرجام بالكسر وهى الحجارة وَاهْجُرْنِي عطف على ما دل عليه لارجمنك اى فاحذرنى واتركني مَلِيًّا اى زمانا طويلا سالما منى ولا تكلمنى من الملاوة وهو الدهر قالَ ابراهيم وهو استئناف بيانى سَلامٌ عَلَيْكَ [سلام بر تو يعنى ميروم ووداع ميكنم] فهو سلام مفارقة لا سلام لطف واحسان لانه ليس بدعاء له كقوله (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) على طريقة مقابلة السيئة بالحسنة ودل على جواز متاركة المنصوح إذا اظهر اللجاج. والمعنى سلمت منى لا اصيبك بمكروه بعد ولا أشافهك بما يؤذيك ولكن سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي السين للاستقبال او لمجرد التأكيد اى استدعيه ان يغفر لك بان يوفقك للتوبة ويهديك الى الايمان كما يلوح به تعليل قوله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) بقوله (إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) والاستغفار بهذا المعنى للكافر قبل تبيين انه يموت على الكفر مما لا ريب فى جوازه وانما المحظور استدعاؤه له مع بقائه على الكفر فانه مما لا مساغ له عقلا ولا نقلا واما الاستغفار له بعد موته على الكفر فلا يأباه قضية العقل وانما الذي يمنعه السمع ألا يرى الى انه عليه السلام قال لعمه ابى طالب (لا أزال استغفر لك ما لم أنه عنه) فنزل قوله تعالى (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الآية ولا اشتباه فى ان هذا الوعد من ابراهيم وكذا قوله (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) وما ترتب عليهما من قوله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) انما كان قبل انقطاع رجائه عن إيمانه لعدم تبين امره (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا اى بليغا فى البر والألطاف يقال حفيت به بالغت وتحفيت فى إكرامه بالغت وَأَعْتَزِلُكُمْ اى أتباعد عنك وعن قومك بالمهاجرة بديني حيث لم يؤثر فيكم نصائحى وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اى تعبدون وَأَدْعُوا رَبِّي اى اعبده وحده عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا اى بدعائى إياه خائبا ضائع السعى وفيه تعريض لشقائهم فى عبادتهم آلهتهم

حاجت ز كسى خواه كه محتاجانرا ... بي بهره نكرداند از انعام عميم

وفى تصدير الكلام بعسى اظهار التواضع ومراعاة حسن الأدب فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ بالمهاجرة الى الشام قال فى تفسير الشيخ فارخل من كوئى الى الأرض المقدسة وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ابن إسحاق بدل من فارقه من أقربائه الكفرة لا عقيب المجاوزة والمهاجرة فان المشهور ان الموهوب حينئذ إسماعيل لقوله (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) اثر دعائه بقوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) ولعل تخصيصهما بالذكر لانهما شجرة الأنبياء او لانه أراد ان يذكر إسماعيل بفضل على انفراده وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا اى كل واحد منهم جعلناه نبيا لا بعضهم دون بعض فكلا مفعول أول لجعلنا قدم عليه للتخصيص لكن لا بالنسبة الى من عداهم بل بالنسبة الى بعضهم وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا كل خير دينى ودنيوى

<<  <  ج: ص:  >  >>