للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى التبيان وهو كبير لما فيه من الأهوال فوصف بوصف ما يكون فيه إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ اى رجوعكم بالموت ثم بالبعث للجزاء فى مثل ذلك اليوم لا الى غيره وهو شاذ عن القياس لان المصدر الميمى من باب ضرب قياسه ان يجيئ بفتح العين وهو لا يمنع الفصاحة نحو ويأبى الله وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على تعذيبكم إذ من جملة مقدوراته العذاب والثواب واعلم ان الآية تدل على فضل التوحيد وشرف الاستغفار ألا يرى ان الموحد المستغفر كيف ينال العيش الطيب فى الدنيا والدرجات العالية فى العقبى فهما مفتاح سعادة الدارين وفى الحديث (لا اله الا الله ثمن الجنة) وفى خبر آخر (مفتاح الجنة) وفى الخبر (قال آدم يا رب انك سلطت على إبليس ولا أستطيع ان امتنع منه الا بك قال الله تعالى لا يولد لك ولد الا وكلت عليه من يحفظه من مكر إبليس ومن قرناء السوء قال يا رب زدنى قال الحسنة عشر وأزيد والسيئة واحدة وامحوها قال يا رب زدنى قال التوبة مقبولة مادام الروح فى الجسد قال يا رب زدنى قال الله تعالى قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم) ثم الاستغفار لا يختص بكونه من الذنوب بل يكون من العبادة التي لا يؤتى بها على الوجه اللائق كما قال بعضهم ان الصحابة كانوا يستغفرون من عبادتهم استقلالا لها وما يقع فيها: قال العرفي

ما لب آلوده بهر توبه بگشاييم ليك ... بانك عصيان ميزند ناقوس استغفار ما

وفى التأويلات النجمية قوله الر يشير بالألف الى الله وباللام الى جبريل وبالراء الى الرسول كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ يعنى القرآن كتاب أحكمت بالحكم آياته كقوله وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ فالكتاب هو القرآن والحكمة هى الحقائق والمعاني والاسرار التي أدرجت فى آياته ثُمَّ فُصِّلَتْ اى بينت لقلوب العارفين تلك الحقائق والحكم مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ أودع فيها الحكمة البالغة التي لا يقدر غيره على ايداعها فيها وهذا سر من اسرار اعجاز القرآن خَبِيرٍ على تعليمها من لدنه لمن يشاء من عباده كقوله فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً يشير الى ان للقرآن ظهرا يطلع عليه اهل اللغة وبطنا لا يطلع عليه الا ارباب القلوب الذين أكرمهم الله بالعلم اللدني ورأس الحكمة وسرها ان تقول يا محمد لامتك أمرتم أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ اى لا تعبدوا الشيطان ولا الدنيا ولا الهوى ولا ما سوى الله تعالى إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ أنذركم بالقطيعة من الله تعالى ان تعبدوا وتطيعوا وتحبوا غيره وعذاب العبد فى الجحيم وَبَشِيرٌ أبشركم ان تعبدوه وتطيعوه وتحبوه بالوصول ونعم الوصال فى دار الجلال وكان النبي عليه السلام مخصوصا بالدعوة الى الله من بين الأنبياء والمرسلين يدل عليه قوله يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ فيما فرطتم من ايام عمركم فى طلب غير الله وترك طلبه وتحصيل الحجب وابطال الاستعداد الفطري ليكون الاستغفار تزكية لنفوسكم وتصفية لقلوبكم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ارجعوا بقدم السلوك الى الله تعالى لتكون التوبة تحلية لكم بعد التزكية بالاستغفار وهى قوله يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً وهو الترقي فى المقامات من السفليات

<<  <  ج: ص:  >  >>