يعنى من اللوح المحفوظ وهو الصحيح وما سوى ذلك أضغاث أحلام قالَ استئناف مبنى على سؤال من قال فماذا قال يعقوب بعد سماع هذه الرؤيا العجيبة فقيل قال يا بُنَيَّ تصغير ابن صغره للشفقة والمحبة وصغر السن فانه كان ابن ثنتى عشرة سنة كما مر وأصله يا بنيا الذي أصله يا بنيى فابدلت ياء الاضافة ألفا كما قيل فى يا غلامى يا غلاما بناء على ان الالف والفتحة أخف من الياء والكسرة قال فى الإرشاد ولما عرف يعقوب من هذه الرؤيا ان يوسف يبلغه تعالى مبلغا جلبلا من الحكمة ويصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين كما فعل بآبائه الكرام خاف عليه حسد الاخوة وبغيهم فقال صيانة لهم من ذلك وله من معاناة المشاق ومقاساة الأحزان وان كان واثقا من الله تعالى بان سيتحقق ذلك لا محالة وطمعا فى حصوله بلا مشقة لا تَقْصُصْ [مخوان و پيدا مكن] رُؤْياكَ كلا او بعضا عَلى إِخْوَتِكَ وهم بنوا علاته العشرة كما هو المشهور إذ عدّ دنية من الرجال سهو فان الأصح انها بنت ليا كما سبق فقوله فى تفسير الإرشاد المراد بإخوته هاهنا الذين يخشى غوائلهم ومكايدهم من بنى علاته الأحد عشر. واما بنيامين الذي هو شقيق يوسف وأمهما راحيل فليس بداخل تحت هذا النهى لانه لا يتوهم مضرته ولا يخشى معرته ولم يكن معهم معدودا فى الرؤيا إذ لم يكن معهم فى السجود ليوسف انتهى ليس بوجيه بل ليس بسديد إذ ليس فى الاخوة من يسمى دنية كما فى حواشى سعدى المفتى ولا يلزم من عدم كون بنيامين داخلا معهم فى الرؤيا ان لا يكون منهم باعتبار التغليب فهو حادى الأحد عشر فَيَكِيدُوا نصب بإضمار ان اى فيفعلوا لَكَ اى لاجلك ولا هلاكك كَيْداً خفيا عن فهمك لا تقدر على مدافعته وهذا أوفق بمقام التحذير وان كان يعقوب يعلم انهم ليسوا بقادرين على تحويل ما دلت الرؤيا على وقوعه والكيد الاحتيال للاغتيال او طلب إيصال الشر بالغير وهو غير عالم به إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ استئناف كأن يوسف قال كيف يصدر ذلك عن إخوتي الناشئين فى بيت النبوة فقيل ان الشيطان ظاهر العداوة للانسان او مظهرها قد بانت عداوته لك ولا بناء جنسك إذا خرج أبويكم آدم وحواء من الجنة ونزع عنهما لباس النور وحلف انه ليعلمن فى نوع الإنسان كل حيلة وليأتينهم من كل جهة وجانب فلا يزال مجتهدا فى إغواء إخوتك واضلالهم وحملهم على الاضرّ فبه علم انهم يعلمون تأويلها فقال ما قال قال بعض العارفين برأ أبناءه من ذلك الكيد فالحقه بالشيطان لعلمه ان الافعال كلها من الله تعالى. ولما كان الشيطان مظهرا لاسم المضل أضاف الفعل السببى اليه وهذه الاضافة ايضا كيد ومكر فان الله تعالى هو الفاعل فى الحقيقة لا المظهر الشيطاني
حق فاعل وهر چهـ جز حق آلات بود ... تأثير ز آلت از محالات بود
وَكَذلِكَ اى مثل اجتبائك واختيارك من بين إخوتك لمثل هذه الرؤيا العظيمة الدالة على شرف وعز وكبرياء شأنك فالكاف فى محل النصب على انه صفة مصدر محذوف يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ يختارك ويصطفيك لما هو أعظم منها كالنبوة ويبرز مصداق تلك الرؤيا فى عالم الشهادة إذ لا بد لكل صورة مرئية فى عالم المثال حقيقة واقعة فى عالم الشهادة وان كانت الدنيا كلها خيالا كما سيأتى تحقيقه