خيال جمله جهانرا بنور چشم يقين ... بجنب بحر حقيقت سراب مى بينم
وَيُعَلِّمُكَ كلام مبتدأ غير داخل فى حكم التشبيه كأنه قيل وهو يعلمك لان الظاهر ان يشبه الاجتباء بالاجتباء والتعليم غير الاجتباء فلو كان داخلا فى حكم التشبيه كان المعنى وبعلمك تعليما مثل الاجتباء بمثل هذا الرؤيا وظاهر سماجته فان الاجتباء وجه الشبه بين المشبه والمشبه به ولم يلاحظ فى التعليم ذلك كذا قالوا يقول الفقير هذا هو منهما نعمة جسيمة من الله تعالى كما يدل عليه مقام الامتنان فلا سماجة مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ اى ذلك الجنس من العلوم فتطلع على حقيقة ما أقول فان من وفقه الله تعالى لمثل هذه الرؤيا لا بد من توفيقه لتعبيرها فان علم التعبير من لوازم الاجتباء غالبا والمراد بتأويل الأحاديث تعبير الرؤى جمع الرؤيا إذ هي اما أحاديث الملك ان كانت صادقة او أحاديث النفس والشيطان ان لم تكن كذلك وتسميتها تأويلا لانه يؤول أمرها اليه اى يرجع الى ما يذكره المعبر
من حقيقتها. والأحاديث اسم جمع للحديث ومنه أحاديث الرسول والحديث فى اللغة الجديد وفى عرف العامة الكلام وفى عرف المحدثين ما يحدث عن النبي عليه السلام فكأنه لوحظ فيه مقابلة القرآن إذ ذاك قديم وهذا حادث. وفى الصحاح الحديث ضد القديم ويستعمل فى قليل الكلام وكثيره لانه يحدث شيأ فشيأ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ يا يوسف يجوز ان يتعلق بقوله يتم وان يتعلق بنعمته اى بان يضم الى النبوة المستفادة من الاجتباء الملك ويجعله تتمة لها وتوسيط التعليم لرعاية الوجود الخارجي وَعَلى كرر على ليمكن العطف على الضمير المجرور آلِ يَعْقُوبَ الآل وان كان أصله الأهل الا انه لا يستعمل الا فى الاشراف بخلاف الأهل وهم اهله من بيته وغيرهم فان رؤية يوسف اخوته كواكب يهتدى بانوارها من نعم الله عليهم لدلالتها على مصير أمرهم الى النبوة فيقع كل ما يخرج من القوة الى الفعل إتماما لتلك النعمة وقال سعدى المفتى غاية ما تدل رؤيتهم على صور الكواكب مجرد كونهم هادين للناس ولا يلزم ان يكون ذلك بالنبوة والظاهر انه عليه السلام علم ذلك بالوحى انتهى يقول الفقير لعل يعقوب انتقل من كونهم على صور الكواكب الى نبوتهم لان الفرد الكامل للهداية ان يكون ذلك بالنبوة ولذلك قد قال الله تعالى فى حق الأنبياء وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا فاعرف ذلك كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ نصب على المصدرية اى ويتم نعمته عليك إتماما كائنا كاتمام نعمته على أبويك وهى نعمة الرسالة والنبوة مِنْ قَبْلُ اى من قبل هذا الوقت او من قبلك إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ عطف بيان لابويك والتعبير عنهما بالأب مع كونهما أبا جده وأبا أبيه للاشعار بكمال ارتباطه بالأنبياء الكرام قال فى الكواشي الجد اب فى الاصالة يقال فلان ابن فلان وبينهما عدة آباء انتهى اما إتمامها على ابراهيم فباتخاذه خليلا وبانجائه من النار ومن ذبح الولد. واما على إسحاق فباخراج يعقوب والأسباط من صلبه وكل ذلك نعم جليلة وقعت تتمة لنعمة النبوة ولا يجب فى تحقيق التشبيه كون ذلك فى جانب المشبه به مثل ما وقع فى جانب المشبه من كل وجه والاشارة ان إتمام النعمة على يوسف القلب بان يتجلى له ويستوى عليه إذ هو عرش حقيقى للرب تعالى دون ما سواه كما قال تعالى (لا يسعنى ارضى ولا سمائى وانما يسعنى قلب عبدى المؤمن)