اى بعتك يعنى انه صلة خطابا قدم عليه فانقلب بيانا والمعنى لا يملكون ان يخاطبوه تعالى من تلقاء أنفسهم كما ينبئ عنه لفظ الملك إذ المملوك لا يستحق على مالكه شيأ خطابا ما فى شىء ما لتفرده بالعظمة والكبرياء وتوحده فى ملكه بالأمر والنهى والخطاب والمراد نفى قدرتهم على ان يخاطبوه تعالى بشئ من نقص العذاب وزيادة الثواب من غير اذنه على ابلغ وجه وأكده كأنه قيل لا يملكون ان يخاطبوه بما سبق من الثواب والعقاب وبه يحصل الارتباط بين هذه الآية وبين ما قبلها من وعيد الكفار ووعد المؤمنين ويظهر منه ان نفى ان يملكوا خطابه لا ينافى الشفاعة باذنه قال القاشاني لانهم اى اهل الافعال لم يصلوا الى مقام الصفات فلا حظ لهم من المكالمة يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا اخر الملائكة هنا تعميما بعد التخصيص واخر الروح فى القدر تخصيصا بعد التعميم فالظاهر أن الروح من جنس الملائكة لكنه أعظم منهم خلقا ورتبة وشرفا إذ هو بمقابلة الروح الإنساني كما ان الملائكة بمقابلة القوى الروحانية ولا شك ان الروح أعظم من قواه التابعة له كالسلطان مع أمرائه وجنده ورعاياه وتفسير الروح بجبريل ضعيف وان كان هو مشتهرا بكونه روح القدس والروح الامين إذ كونه روحا ليس بالنسبة الى ذاته والا فالملائكة كلهم روحانيون وان كانوا أجساما لطيفة غير الأرواح المهمية وانما هو بالنسبة الى كونه نافخ الروح وحامل الوحى الذي هو كالروح فى الاحياء وقد اتفقوا على ان اسرافيل أعظم من جبريل ومن غيره فلو كان أحد يقوم صفا واحدا لكان هو اسرافيل دون جبرائيل والله اعلم بمراده من الروح وان اختلفت الروايات فيه هذا ما لاح لى فى هذا المقام بعون الملك العلام وصفا حال اى مصطفين لكثرتهم وقيامهم مما امر الله فى امر العباد وقيل هما صفان الروح صف والملائكة صف وقيل صفوف وهو الأوفق لقوله تعالى والملائكة صفا صفا ويوم ظرف لقوله تعالى لا يَتَكَلَّمُونَ وقوله تعالى إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً بدل من ضمير لا يتكلمون العائد الى اهل السموات والأرض الذين من جملتهم الروح والملائكة وهو أرجح لكون الكلام غير موجب والمستثنى منه مذكور وفى مثله يختار البدل على الاستثناء وذكر قيامهم واصطفافهم لتحقيق عظمة سلطانه تعالى وكبرياء ربوبيته وتهويل يوم البعث الذي عليه مدار الكلام من مطلع السورة الى مقطعها والجملة استئناف مقرر لمضمون قوله تعالى لا يتكلمون إلخ ومؤكد له على معنى ان اهل السموات والأرض إذا لم يقدروا يومئذ على ان يتكلموا بشئ من جنس الكلام الا من اذن الله له منهم فى التكلم وقال ذلك المأذون له قولا صوابا اى حقا صادقا او واقعا فى محله من غير خطأ فى قوله فكيف يملكون خطاب رب العزة مع كونه أخص من مطلق الكلام وأعز منه مراما وقيل الا من اذن إلخ منصوب على اصل الاستثناء والمعنى لا يتكلمون الا فى حق شخص اذن له الرحمن وقال ذلك الشخص صوابا اى حقا هو التوحيد وكلمة الشهادة دون غيره من اهل الشرك فانهم لم يقولوا فى الدنيا صوابا بل تفوهوا بكلمة الكفر والشرك واظهار الرحمن فى موقع الإضمار للايذان بأن مناط الاذن هو الرحمة البالغة لان أحدا يستحقه عليه تعالى وفى عرائس البقلى من كان كلامه فى الدنيا من حيث الأحوال