جعلوا بتقدير قد اى والحال انهم قد علموا ان الله خالقهم دون الجن وليس من يخلق كمن لا يخلق فالضمير للجاعلين ويحتمل ان يكون للجن اى والحال انه تعالى خلق الجن فكيف يجعلون مخلوقه شريكا له وَخَرَقُوا لَهُ اى افتعلوا وافتروا له تعالى يقال خرق واخترق واختلق وافترى إذا كذب بَنِينَ وَبَناتٍ فقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وقالت طائفة من العرب الملائكة بنات الله بِغَيْرِ عِلْمٍ بحقيقة ما قالوه من خطأ او صواب بل رميا بقول عن عمى وجهالة من غير فكر وروية. والباء متعلقة بمحذوف هو حال من فاعل خرقوا اى خرقوا ملتبسين بغير علم سُبْحانَهُ اى تنزه تعالى بذاته تنزها لائقا به وَتَعالى من العلو اى استعلى ويجوز فى صفات الله تعالى علا ولا يجوز ارتفع لان العلو قد يكون بالاقتدار والارتفاع يقتضى الجهة والمكان ولما فى السبحان والتعالي من معنى التباعد قيل عَمَّا يَصِفُونَ اى تباعد عما يصفونه من ان له شريكا او ولدا بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى هو مبدع من غير مثال سبق لقطرى العالم العلوي والسفلى بلا مادة فاعل على الإطلاق منزه عن الانفعال بالمرة والوالد عنصر الولد منفعل بانتقال مادته عنه فكيف يكون له ولد فالفعيل بمعنى المفعل كالاليم والحكيم بمعنى المؤلم والمحكم والاضافة حقيقية وقيل هو من اضافة الصفة المشبهة الى فاعلها اى بديع سمواته وارضه من بدع إذا كان على نمط عجيب وشكل فائق وحسن رائق أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ اى من اين او كيف يوجد له ولد والحال ان اسباب الولادة منتفية فان وجود الولد بلا والدة محال وان أمكن بلا والد كعيسى عليه السلام والمراد بالصاحبة الزوجة: وفى المثنوى
لم يلد لم يولد است او از قدم ... نى پدر دارد نه فرزند ونه عم
وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ انتظم بالتكوين والإيجاد من الموجودات التي من جملتها ما سموه ولدا له تعالى فكيف يتصور ان يكون المخلوق ولدا لخالقه
خالق أفلاك وأنجم بر علا ... مردم وديو و پرى ومرغ را
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ من شأنه ان يعلم كائنا ما كان مخلوقا او غير مخلوق عَلِيمٌ مبالغ فى العلم ازلا وابدا فلا يخفى عليه خافية مما كان وما سيكون من الذوات والصفات والأحوال التي من جملتها ما يجوز عليه تعالى وما لا يجوز من المحالات التي كان ما زعموه فردا من افرادها ذلِكُمُ اى ذلك الموصوف بتلك الصفات العظيمة ايها المشركون اللَّهُ المستحق للعبادة خاصة مبتدأ وخبره رَبُّكُمْ اى مالك أمركم
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اى لا شريك له أصلا خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مما كان وما سيكون فلا تكرار وهذه اخبار مترادفة فَاعْبُدُوهُ حكم مسبب عن مضمونها فان من جمع هذه الصفات استحق العبادة خاصة وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ اى وهو مع تلك الصفات متولى أموركم فكلوها اليه وتوسلوا بعبادته الى إنجاح مآربكم الدنيوية والاخروية ورقيب على أعمالكم فيجازيكم قال الامام الغزالي قدس سره والوكيل ينقسم الى من يفى بما وكل اليه وفاء تاما من غير قصور والى من لا يفى بالجميع والوكيل المطلق هو الذي يفى بالأمور الموكولة