ذات مؤنث ذى بمعنى الصاحب والاكل بضم الكاف وسكونه اسم لما يؤكل والخمط كل نبت أخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن أكله والمعنى جنتين صاحبتى ثمر مرّ: وبالفارسية [دو باغ خداوند ميوهاى تلخ] فيكون الخمط نعتا للاكل وجاء فى بعض القراآت باضافة الاكل الى الخمط على ان يكون الخمط كل شجر مر الثمر او كل شجر له شوك او هو الأراك على ما قاله البخاري والاكل ثمره قال فى المختار الخمط ضرب من الأراك له حمل يؤكل وتسمية البدل جنتين للمشاكلة والتهكم وَأَثْلٍ معطوف على أكل لا على خمط فان الأثل هو الطرفاء بالفارسية [كز] او شجر يشبهه أعظم منه ولا ثمر له: قال الشيخ سعدى قدس سره
اگر بد كنى چشم نيكى مدار ... كه هركز نيارد كز انگور بار
وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ وهو معطوف ايضا على أكل قال البيضاوي وصف السدر بالقلة لما ان جناه وهو النبق مما يطيب أكله ولذلك يغرس فى البساتين انتهى فالسدر شجر النبق على ما فى القاموس وقال المولى ابو السعود والصحيح ان السدر صنفان صنف يؤكل من ثمره وينتفع بورقه لغسل اليد وصنف له ثمرة عفصة لا تؤكل أصلا وهو البرى الذي يقال له الضال والمراد هاهنا هو الثاني فكان شجرهم من خير الشجر فصيره الله من شر الشجر بسبب أعمالهم القبيحة والحاصل ان الله تعالى أهلك أشجارهم المثمرة وأنبت بدلها غير المثمرة ذلِكَ اشارة الى مصدر قوله تعالى جَزَيْناهُمْ فمحله النصب على انه مصدر مؤكد له اى ذلك الجزاء الفظيع جزيناهم لاجزاء آخر او الى ما ذكر من التبديل فمحله النصب على انه مفعول ثان له اى ذلك التبديل جزيناهم لا غيره بِما كَفَرُوا بسبب كفرانهم النعمة حيث نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدها او بسبب كفرهم بالرسل وفى هذه الآية دليل على بعث الأنبياء بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام فانه روى ان الواقعة المذكورة كانت فى الفترة التي بينهما وما قيل من انه لم يكن بينهما نبى يعنى نبى به ذو كتاب كذا فى بحر العلوم فلا يشكل قوله عليه السلام (ليس بينى وبينه نبى) اى رسول مبعوث بشريعة مستقلة بل كل من بعث كان مقررا لشريعة عيسى وقد سبق تحقيق هذا المبحث مرارا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ اى وما نجازى هذا الجزاء الا المبالغ فى الكفران او الكفر. فهل وان كان استفهاما فمعناه النفي ولذلك دخلت الا فى قوله الا الكفور قال فى القاموس هل كلمة استفهام وقد يكون بمعنى الجحد وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها والكفران فى جحود النعمة اكثر استعمالا والكفر فى الدين اكثر والكفور فيهما جميعا وفى الآية اشارة الى ان المؤمن الشاكر يربط بشكره النعم الصورية والمعنوية من الإيقان والتقوى والصدق والإخلاص والتوكل والأخلاق الحميدة وغير الشاكر يزيل بكفرانه هذه النعم فيجد بدلها الفقر والكفر والنفاق والشك والأوصاف الذميمة ألا ترى الى حال بلعم فانه لم يشكر يوما على نعمة الايمان والتوفيق فوقع فيما وقع من الكفر والعياذ بالله تعالى. فلما غرس اهل الكفر فى بستان القلب والروح الأشجار الخبيثة لم يجدوا الا الأثمار الخبيثة فما عوملوا الا بما استوجبوا وما حصدوا الا ما زرعوا وما وقعوا الا فى الحفرة التي حفروا