لكم يوم القيامة انكم على الحق متجاوزين الله في اتخاذها كذلك ودلت الآية على ان الاستعانة بالخلق لا تغنى شيأ وما يغنى رجوع العاجز عن العاجز فلا ترفع حوائجك الا الى من لا يشق عليه قضاؤها ولا تسأل إلا من لا تفنى خزائنه ولا تعتمد الأعلى من لا يعجز عن شىء ينصرك من غير معين ويحفظك من كل جانب ومن غير صاحب ويغنيك من غير مال فيقل اعداد الأعداء الكثيرة إذا حماك ويكثر عدد المال القليل إذا كفاك إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى ان محمدا تقوله من تلقاء نفسه وان آلهتكم شهداؤكم وهو شرط جوابه محذوف تقديره فافعلوا اى فائتوا بسورة من مثله فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا اى ما أمرتم من الإتيان بالمثل بعد ما بذلتم في السعى غاية المجهود وَلَنْ تَفْعَلُوا فيما يستقبل ابدا وذلك لظهور اعجاز القرآن فانه معجزة النبي عليه السلام اعتراض بين الشرط وجوابه وهذه معجزة باهرة حيث اخبر بالغيب الخاص علمه به عز وجل وقد وقع الأمر كذلك كيف لا ولو عارضوه بشئ بداية في الجملة لتناقله الرواة خلفا عن سلف فَاتَّقُوا النَّارَ اى ولما عجزتم عن معارضة القرآن ومثله لزمتكم الحجة ان محمدا رسولى والقرآن كتابى ولزمكم تصديقه والايمان به ولما لم تؤمنوا صرتم من اهل النار فاتقوها وفي الكشاف لصيق اتقاء النار وضميمه ترك العناد من حيث انه من نتائجه لان من اتقى النار ترك المعاندة فوضع فاتقوا النار موضع فاتركوا العناد الَّتِي وَقُودُهَا اى حطبها وهو ما يوقد به النار النَّاسُ اى العصاة وَالْحِجارَةُ اى حجارة الكبريت وانما جعل حطبها منها لسرعة وقودها اى التهابها وبطئ خمودها وشدة حرها وقبح رائحتها ولصوقها بالبدن او الحجارة هي الأصنام التي عبدوها وانما جعل التعذيب بها ليتحققوا انهم عذبوا بعبادتها وليروا ذلها ومهانتها بعد اعتقادهم عزها وعظمتها والكافر عبد الصنم واعتمده ورجاه فعدب به إظهارا لجهله وقطعا لامله كأتباع الكبراء خدموهم ورجوهم وفي النار يسحبون معهم ليكون أشق عليهم واقطع لرجائهم فان قلت أنار الجحيم كلها توقد بالناس والحجارة أم هي نيران شتى منها نار بهذه الصفة قلت بل هي نار شتى منها نار توقد بالناس والحجارة يدل على ذلك تنكيرها في قوله تعالى قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى ولعل لكفار الجن ولشياطينهم نارا وقودها الشياطين كما ان لكفرة الانس نارا وقودها هم جزاء لكل جنس بما يشاكله من العذاب أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ اى هيئت للذين كفروا بما نزلناه وجعلت عدة لعذابهم وفيه دلالة على ان النار مخلوقة موجودة الآن خلافا للمعتزلة وفي الآية اشارة الى ان ثمرة الاخذ بالقرآن والإقرار به وبمحمد صلى الله عليه وسلم هو النجاة من النار التي وقودها الناس والحجارة وفيه زيادة فضل القرآن واهله قال البغوي عند قوله تعالى فَأْتُوا بِسُورَةٍ قيل السورة اسم للمنزلة الرفيعة وسميت سورة لان القارئ ينال بقراءتها منزلة رفيعه حتى يستكمل المنازل باستكمال سور القرآن وعن ابن مسعود رضى الله عنه انه قال يرجع أتباع إبليس كل عشية الى سيدهم فيقول كل واحد منهم بين يديه فعلت كذا وغررت فلانا الزاهد حتى يقول أصغرهم انا منعت صبيا من الكتاب فيقوم إبليس بين يديه ويقعده الى جنبه فرحا بما فعل وقالت الحكماء حق الولد على أبويه ثلاثة ان