للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها بل لا يجوز النظر إليها كما في نصاب الاحتساب وَلَقَدْ عَلِمُوا اى هؤلاء اليهود في التوراة لَمَنِ اشْتَراهُ اى من اختار السحر واستبدل ما تتلوا الشياطين بكتاب الله واللام الاولى جواب قسم محذوف والثانية لام ابتداء ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ اى نصيب وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ اى باعوها لان الشراء من الاضداد واللام جواب قسم محذوف والمخصوص بالذم محذوف اى والله لبئس ما باعوا به أنفسهم السحر او الكفر وعبر عن ايمانهم بانفسهم لان النفس خلقت للعلم والعمل والايمان لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ جواب لو محذوف اى لما فعلوا ما فعلوا من تعلم السحر وعمله اثبت لهم العلم او لا بقوله ولقد علموا ثم نفى عنهم لانهم لما لم يعملوا بعلمهم فكأنهم لم يعلموا فهذا في الحقيقة نفى الانتفاع بالعلم لا نفى العلم وَلَوْ أَنَّهُمْ اى اليهود آمَنُوا بالقرآن والنبي وَاتَّقَوْا السحر والشرك لَمَثُوبَةٌ مفعلة من الثواب وثاب يثوب اى رجع وسمى الجزاء ثوابا لانه عوض عمل المحسن يرجع اليه وهو مبتدأ جواب لو والتنكير للتقليل اى شىء قليل من الثواب كائن مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ خبر المبتدأ وأصله لأثيبوا مثوبة من عند الله خيرا مما شروا به أنفسهم فحذف الفعل وغير السبك الى ما عليه النظم الكريم دلالة على اثبات المثوبة لهم والجزم بخيريتها وحذف المفضل عليه إجلالا للمفضل من ان ينسب اليه لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ان ثواب الله خير ومجرد العلم باللسان لا ينفع بدون ان يصل التأثير الى القلب ويظهر ذلك التأثير بالمسارعة الى الأعمال الصالحة والاتباع للكتاب والسنة فمن امر السنة على نفسه أخذا وتركا حبا وبغضا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة قال الشيخ ابو الحسن كل علم يسبق لك فيه الخواطر وتتبعها الصور وتميل اليه النفوس وتلذ به الطبيعة فارم به وان كان حقا وخذ بعلم الله الذي أنزله على رسوله واقتد به وبالخلفاء والصحابة والتابعين من بعده والائمة المبرئين من الهوى ومتابعته تسلم من الظنون والشكوك والأوهام والدعاوى الكاذبة المضلة عن الهدى وحقائقه وماذا عليك ان تكون عبد الله ولا علم ولا عمل بلا اقتداء وحسبك من العلم العلم بالوحدانية ومن العمل محبة الله ومحبة رسوله ومحبة الصحابة واعتقاد الحق للجماعة قال بعض العلماء زيادة العلم في الرجل السوء كزيادة الماء في اصول الحنظل كلما ازداد ريا ازداد مرارة ومثل من تعلم العلم لاكتساب الدنيا وتحصيل الرفعة فيها كمثل من رفع العذرة بملعقة من الياقوت فما اشرف الوسيلة وما اخس المتوسل اليه والذي يحمل العبد على تعليم ما لا يليق به وذكر ما يجب صونه انما هو إيثار الدنيا على الآخرة لكن الله تعالى يقول وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى فان أردت ان تعرف قدرك عند الله فانظر فيما ذا يقيمك وذلك لان الأعمال علامات والأحوال كرامات والكرامات دليل والعلوم وسائل وقد جاء (من سره ان يعرف منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله في قلبه فان الله ينزل العبد عنده حيث أنزله العبد من نفسه) والإنسان نسخة آلهية قابلة للواردات الإلهية فالنصف الأسفل منه بمنزلة الملك والنصف الا على بمنزلة الملكوت وبعبارة اخرى الطبيعة والنفس بمنزلة الملك والروح والسر بمنزلة الملكوت فاذا قطع العلائق بالعبادة الحقانية يتصرف في عالم الملك والملكوت اللذين في ملك وجوده وهو باب الملك والملكوت اللذين في الخارج واعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>