للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال للنار دركات ولكل دركة نوع طعام وشراب وسيجيئ وجه التلفيق بينه وبين قوله ليس لهم طعام الا من ضريع فى الغاشية وهو فعلين من الغسل فالياء والنون زائدتان وفى الكواشي او نونه غير زائدة وهو شجر فى النار وهو من أخبث طعامهم والظاهر ان الاستثناء متصل ان جعل الطعام شاملا للشراب كما فى قوله تعالى ومن لم يطعمه فانه منى فانهم فسروه بمن لم يذقه من طعم الشيء إذا ذاقه مأكولا كان او مشروبا لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ صفة غسلين والتعبير بالأكل باعتبار ذكر الطعام اى لا يأكل ذلك الغسلين الا الآثمون اصحاب الخطايا وهم المشركون كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما وقد جوز أن يرادبهم الذين يتخطون الحق الى الباطل ويتعدون حدود الله من خطئ الرجل من باب علم إذا تعمد الخطا اى الذنب فالخاطئ هو الذي يفعل ضد الصواب متعمدا لذلك والمخطئ هو الذي يفعله غير متعمد أي يريد الصواب فيصير الى غيره من غير قصد كما يقال المجتهد قد يخطئ وقد يصيب وفى عين المعاني الخاطئون طريق التوحيد وفى التأويلات النجمية ولا يحض مساكين الأعضاء والجوارح بالأعمال الصالحات والأقوال الصادقات والأحوال الصافيات فليس له اليوم هاهنا من يعينه ويؤنسه لان المؤنس ليس الا الأعمال والأحوال ولا طعام لنفسه الميشومة الا غسالة اعماله وأفعاله القبيحة الشنيعة لا يأكله الا المتجاوزون عن اعمال الروح والقلب القاصدون مراضى النفس والهوى متبعون للشهوات الجسمانية واللذات الحيوانية فَلا أُقْسِمُ اى فأقسم على ان لا مزيدة للتأكيد واما حمله على معنى نفى الاقسام لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق بالقسم فيرده تعبين المقسم به بقوله بما إلخ وقال بعضهم هو جملتان والتقدير وما قاله المكذبون فلا يصح إذ هو قول باطل ثم قال اقسم بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ قسم عظيم لانه قسم بالأشياء كلها على سبيل الشمول والإحاطة لانها لا تخرج عن قسمين مبصر وغير مبصر فالمبصر المشاهدات وغير المبصر المغيبات فدخل فيهما الدنيا والآخرة والأجسام والأرواح والانس والجن والخلق والخالق والنعم الظاهرة والباطنة وغير ذلك مما يكون لائقا بأن يكون مقسما به إذ من الأشياء ما لا يليق بأن يكون مقسما به واليه الاشارة بقول القاشاني اى الوجود كله ظاهرا وباطنا وبقول ابن عطاء آثار القدرة واسرارها وبقول الشيخ نجم الدين بما تبصرون من المشهودات والمحسوسات بابصار الظواهر وما لا تبصرون من المغيبات ببصائر البواطن يعنى بالمظاهر الاسمائية والمظاهر الذاتية وبقول الحسين اى بما اظهر الله لملائكته والقلم واللوح وبما اختزن فى علمه ولم يجر القلم به ولم تشعر الملائكة بذلك وما اظهر الله للخلق من صفاته وأراهم من صنعه وأبدى لهم من علمه فى جنب ما اختزن عنهم الا كذرة فى جنب الدنيا والآخرة ولو أظهر الله ما اختزن لذابت الخلائق عن آخرهم فضلا عن حمله وقال الشيخ أبو طالب المكي قدس سره فى قوت القلوب إذا كان العبد من اهل العلم بالله والفهم عنه والسمع منه والمشاهدة له شهد ما غاب عن غيره وابصر ما عمى عنه سواه كما قال تعالى فلا اقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إِنَّهُ اى القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ وقوله قول الحق كما قال وما ينطق عن الهوى وكما قال فأجره حتى يسمع كلام الله

<<  <  ج: ص:  >  >>