مكتوم كان قد اسلم وتعلم ما كان يحتاج اليه من امور الدين واما أولئك الكفار فما كانوا قد اسلموا وكان إسلامهم سببا لاسلام جمع عظيم فكلامه فى البين سبب لقطع ذلك الخير العظيم لغرض قليل وذلك محرم والأهم مقدم على المهم فثبت بهذا ان فعل ابن أم مكتوم كان ذنبا ومعصية وما فعله النبي عليه السلام كان واجبا فكيف عاتبه الله على ذلك قيل ان الأمر وإن كان كما ذكر الا ان ظاهر ما فعله الرسول عليه السلام يوهم تقديم الأغنياء على الفقراء وقلة المبالاة بانكسار قلوب الفقراء وهو لا يليق بمنصب النبوة لانه ترك الأفضل كما أشير اليه سابقا فلذا عاتبه الله تعالى لَعَلَّهُ اى الأعمى يَزَّكَّى بتشديدين أصله يتزكى اى يتطهر بما يقتبس منك من اوضار الأوزار بالكلية وكلمة لعل مع تحقق التزكى وارد على سنن الكبرياء فان لعل فى كلام العظماء يراد به القطع والتحقيق او على اعتبار معنى الترجي بالنسبة اليه عليه السلام للتنبيه على ان الاعراض عنه عند كونه مرجوا التزكى مما لا يجوز فكيف إذا كان مقطوعا بالتزكى كما فى قولك لعلك ستندم على ما فعلت أَوْ يَذَّكَّرُ يتشديدين ايضا أصله يتذكر والتذكر هو الاتعاظ يعنى با خود پند كيرد فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى اى فتنفعه موعظتك ان لم يبلغ درجة التزكى التام وفى الكشاف المعنى انك لا تدرى ما هو مترقب منه من تزكى او تذكر ولو دريت لما فرط ذلك منك انتهى أشار الى ان قوله يزكى من باب التخلية عن الآثام وقوله او يذكر من باب التحلية ببعض الطاعات ولذا دخلت كلمة الترديد فقوله او يذكر عطف على بزكى داخل معه فى حكم الترجي وقوله فتنفعه الذكرى بالنصب على جواب لعل تشبيها له بليت وفيه اشارة الى أن من تصدى لتزكيتهم من الكفرة لا يرجى منهم التزكى والتذكر أصلا واشعار بأن اللائق بالعلم أن يقصد بتعليمه تزكية متعلمه ولا ينظر الى شبحه وصورته كما ينظر العوام وبالمتعلم أن يريد بتعلمه تزكية نفسه عن أرجاس الضلالة وتطهير قلبه من أدباس الجهالة لا احكام الدنيا الدنية أَمَّا للتفضيل مَنِ اسْتَغْنى عن الايمان وعما عندك من العلوم والمعارف التي ينطوى عليها القرآن فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى بحذف احدى التاءين تخفيفا اى تتصدى وتتعرض بالإقبال عليه والاهتمام بإرشاده واستصلاحه دون الأعمى وفيه مزيد تنفير له عليه السلام عن مصاحبتهم فان الإقبال على المدبر ليس من شيم الكرام والتصدي للشئ التعرض والتقيد به والاهتمام بشأنه وضده التشاغل عنه وفى المفردات التصدي ان يقابل الشيء مقابلة الصدى اى الصوت الراجع من الجبل وفى كشف الاسرار التصدي التعرض للشئ على حرص كتعرض الصديان للماء اى العطشان وعن بعضهم اصل تصدى تصدد من الصدد وهو ما استقبلك وجاء قبالتك فأبدل أحد الأمثال حرف علة وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى اى وليس عليك بأس ووزر ووبال فى أن لا يتزكى ذلك المستغنى بالإسلام حتى تهتم بأمره وتعرض عمن أسلم ان عليك الا البلاغ وكيف تحرض على الإسلام من ليس له قابلية وقد خلق على حب الدنيا والعمى عن الآخرة وفيه استهانة لمن اعرض عنه فما نافية وكلمة فى المقدرة متعلقة باسم ما وهو محذوف والجملة حال من ضمير تصدى مقررة لجهة الإنكار