إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من القبض والبسط لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فيستدلون بها على كمال القدرة والحكمة: قال ابو بكر محمد بن سابق
فكم قوى قوى فى تقلبه ... مهذب الرأى عنه الرزق ينحرف
وكم ضعيف ضعيف فى تقلبه ... كأنه من خليج البحر يغترف
هذا دليل على ان الإله له ... فى الخلق سر خفى ليس ينكشف
- وحكى- انه سئل بعض العلماء ما الدليل على ان للعالم صانعا واحدا قال ثلاثة أشياء. ذل اللبيب. وفقر الأديب. وسقم الطبيب قال فى التأويلات النجمية الاشارة فيه الى ان لا يعلق العباد قلوبهم الا بالله لان ما يسوءهم ليس زواله الا من الله وما يسرهم ليس وجوده الا من الله فالبسط الذي يسرهم ويؤنسهم منه وجوده والقبض الذي يسوءهم ويوحشهم منه حصوله فالواجب لزوم بابه بالاسرار وقطع الافكار عن الأغيار انتهى. إذ لا يفيد للعاجز طلب مراده من عاجز مثله فلا بد من الطلب من القادر المطلق الذي هو الحق قال ابراهيم بن أدهم قدس سره طلبنا الفقر فاستقبلنا الغنى وطلب الناس الغنى فاستقبلهم الفقر. فعلى العاقل تحصيل سكون القلب والفناء عن الإرادات فان الله تعالى يفعل ما يريد على وفق علمه وحكمته وفى الحديث (انما يخشى المؤمن الفقر مخافة الآفات على دينه) فالملحوظ فى كل حال تحقيق دين الله المتعال وتحقيقه انما يحصل بالامتثال الى امر صاحب الدين وقد امر بالتوكل واليقين فى باب الرزق فلا بد من الائتمار وإخراج الافكار من القلب فان من شك فى رازقه فقد شك فى خالقه- كما حكى- ان معروفا الكرخي قدس سره اقتدى بامام فسأله الامام بعد الصلاة وقال له من اين تأكل يا معروف فقال معروف اصبر يا امام حتى أقضي ما صليت خلفك ثم أجيب فان الشاك فى الرازق شاك فى الخالق ولا يجوز اقتداء المؤمن الموقن بالمتزلزل المتردد ولذا قال تعالى (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فان غير المؤمن لا يعرف الآيات ولا يقدر على الاستدلال بالدلالات فيبقى فى الشك والتردد والظلمات قال هرم لاويس رضى الله عنه اين تأمرنى ان أكون فاومأ الى الشام فقال هرم كيف المعيشة بها قال اويس أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة اى لان العظة كالصقر لا يصيد الا الحي والقلب الذي خالطه الشك بمثابة الميت فلا يفيده التنبيه نسأل الله سبحان ان يوقظنا من سنة الغفلة ولا يجعلنا من المعذبين بعذاب الجهالة انه الكريم الرؤوف الرحيم فَآتِ أعط يا من بسط له الرزق ذَا الْقُرْبى صاحب القرابة حَقَّهُ من الصلة والصدقة وسائر المبرات يحتج ابو حنيفة رحمه الله بهذه الآية على وجوب النفقة لذوى الأرحام المحارم عند الاحتياج ويقيسهم الشافعي على ابن العم فلا يوجب النفقة الا على الولد والولدين لوجود الولاد وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ما يستحقانه من الصدقة والاعانة والضيافة فان ابن السبيل هو الضيف كما فى كشف الاسرار قال فى التأويلات النجمية يشير الى ان القرابة على قسمين قرابة النسب وقرابة الدين فقرابة الدين أمس وبالمراعاة أحق وهم الاخوان فى الله والأولاد من صلب الولاية من اهل الارادة الذين تمسكوا بأذيال الأكابر منقطعين الى الله مشتغلين بطلب الله متجردين عن الدنيا غير مستفزعين