وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ حال من فاعل يؤتون اى والحال ان قلوبهم خائفة أشد الخوف قال الراغب الوجل استشعار الخوف أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ اى من ان رجوعهم اليه تعالى على ان مناط الوجل ان لا يقبل منهم ذلك وان لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذوا به حينئذ لا مجرد رجوعهم اليه تعالى والموصولات الاربعة عبارة عن طائفة واحدة متصفة بما ذكر فى حيز صلاتها من الأوصاف الاربعة لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة كأنه قيل ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون وبآيات ربهم يؤمنون إلخ وانما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها قال بعض الكبار وجل العارف من طاعته اكثر من وجله من مخالفته لان المخالفة تمحى بالتوبة والطاعة تطلب بتصحيحها والإخلاص والصدق فيها فاذا كان فاعل الطاعات خائفا مضطربا فكيف لا يخاف غيره قال الشيخ سعدى قدس سره
در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولو العزم را تن بلرزد ز هول
بجايى كه دهشت خورد أنبياء ... تو عذر كنه را چهـ دارى بيا
أُولئِكَ المنعوتون بما فصل من النعوت الجليلة خاصة دون غيرهم يُسارِعُونَ [مى شتابند] فِي الْخَيْراتِ اى فى نيل الخيرات التي من جملتها الخيرات العاجلة الموعودة على الأعمال الصالحة كما قال تعالى (فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) لانهم إذا سورع بها لهم فقد سارعوا فى نيلها وتعجلوها فيكون اثبت لهم ما نفى عن الكفار قال فى الإرشاد إيثار كلمة فى على كلمة الى للايذان بانهم متقلبون فى فنون الخيرات لا انهم خارجون عنها متوجهون إليها بطريق المسارعة كما فى قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ) إلخ وَهُمْ لَها سابِقُونَ اى إياها سابقون متقدمون واللام لتقوية عمل اسم الفاعل اى ينالونها قبل الآخرة حيث عجلت لهم فى الدنيا قال بعض الكبار بالمسارعات الى الخيرات تبتغى درجة السابقين ويطلب مكارم الواصلين لا بالدواعي والإهمال وتضييع الأوقات من أراد الوصول الى المقامات من غير آداب ورياضات ومجاهدات فقد خاب وخسر وحرم الوصول إليها وفى التأويلات النجمية (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) إلخ اى هم المتوجهون الى الله المعرضون عما سواه المسارعون بقدم الصدق والسعى الجميل على حسب ما سبقت لهم من الله الحسنى (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) على قدر سبق العناية انتهى يعنى بقدر سبق العناية يسبق العبد على طريق الهداية فلكل سالك حظوة ولذا قال بعض الكبار جنة النعيم لاصحاب العلوم وجنة الفردوس لاصحاب الفهوم وجنة المأوى لاصحاب التقوى وجنة عدن للقائمين بالوزن وجنة الخلد للمقيمين على الودّ وجنة المقامة لاهل الكرامة وليس فى مقدور البشر مراقبة الله تعالى فى السر والعلن مع الأنفاس فان ذلك من خصائص الملأ الأعلى واما رسول الله عليه السلام فكانت له هذه الرتبة لكونه مسرعا فى جميع أحواله فلا يوجد الا فى واجب او مندوب او مباح فهذا هو السبق الأعلى والمسارعة العليا حيث