واليوم الآخر وما صرف إلا عن الدنيا والحظوظ العاجلة فبقدر ما أعرضت عنها وأقبلت على الله وصرفت الأوقات لاعمال الآخرة فقد سلكت سبيله الذي سلكه وبقدر ذلك اتبعته وبقدر ما اتبعته صرت من أمته ولو انصفنا لعلمنا اننا من حين نمسى الى حين نصبح لا نسعى الا فى الحظوظ العاجلة ولا نتحرك الا لاجل الدنيا الفانية ثم نطمع فى ان نكون غدا من أمته واتباعه- روى- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (ليأتى على الناس زمان تخلق سنتى فيه وتتجدد فيه البدعة فمن اتبع سنتى يومئذ صار غريبا وبقي وحيدا ومن اتبع بدع الناس وجد خمسين صاحبا او اكثر) فقال الصحابة يا رسول الله عليك السلام هل بعدنا أحد أفضل منا قال (بلى) قالوا أفيرونك يا رسول الله قال (لا) قالوا فكيف يكونون فيها قال (كالملح فى الماء تذوب قلوبهم كما يذوب الملح فى الماء) قالوا فكيف يعيشون فى ذلك الزمان قال (كالدود فى الخل) قالوا فكيف يحفظون دينهم يا رسول الله قال (كالفحم فى اليد ان وضعته طفئ وان أمسكته او عصرته احرق اليد) وعن ابى بحيج العرباض بن سارية رضى الله عنه قال وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودّع فاوصنا قال (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان تأمّر عليكم عبد وانه من يعيش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهتدين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة ضلالة) فعلى المؤمن ان يتبع سنة الرسول ويجتنب عن كل ما هو بدعة وضلالة ويصلح ظاهره بالشريعة وباطنه بالطريقة حتى ينال شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ويتخلص من عذاب النار ويدخل الجنة مع الأبرار. فالمؤمن فى الآخرة فى الجنات كشجرة مثمرة لا تنفك عن البستان. والمنافق فى الدركات كشجرة غير مثمرة تقلع من البستان وتوقد بها النار: قال الفردوسى
درختى كه شيرين بود بار او ... نكردد كسى كرد إزار او
بماند بباغ آن ودر آتش اين ... تو خواهى چنان باش وخواهى چنين
وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ اى أوجبنا او فرضنا على هؤلاء المنافقين أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ كما أوجبناه على بنى إسرائيل حين طلبوا التوبة من ذنوبهم ما فَعَلُوهُ اى المكتوب المدلول عليه بكتبنا إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ الأناس قليل منهم وهم المخلصون وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ من متابعة الرسول وطاعته والمشي تحت رايته والانقياط لما يراه ويحكم به ظاهرا وباطنا وسميت أوامر الله ونواهيه مواعظ لاقترانها بالوعد والوعيد والترغيب والترهيب لَكانَ اى فعلهم ذلك خَيْراً لَهُمْ اى احمد عاقبة فى الدارين وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً لهم على الايمان وابعد من الاضطراب فيه وَإِذاً كأنه قيل وماذا يكون لهم بعد التثبيت فقيل وإذا لو ثبتوا لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا من عندنا أَجْراً عَظِيماً ثوابا كثيرا فى الآخرة لا ينقطع وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً يصلون بسلوكه الى عالم القدس ويفتح لهم أبواب الغيب قال صلى الله عليه وسلم (من عمل بما علم ورثه الله علم