بأعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم تراؤن لهم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم خيرا) وانما يقال لهم ذلك لان عملهم في الدنيا كان على وجه الخداع فيعاملون في الآخرة على وجه الخداع كذا في تنبيه الغافلين: قال السعدي
چهـ قدر آورد بنده نزد رئيس ... كه زير قبا دارد أندام پيس
وفي التأويلات النجمية الاشارة ان الله تعالى لما قدر لبعض الناس الشقاوة في الأزل اثمر بذر سر القدر المستور في اعماله ثمرة مخادعة الله في الظاهر ولا يشعر ان المخادعة نتيجة بذر سر القدر بطريق تزيين الدنيا في نظره وحب شهواتها في قلبه كما قال تعالى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ الآية فانخدع بزينة الدنيا وطلب شهواتها عن الله وطلب السعادة الاخروية فعلى الحقيقة هو المخادع الممكور كما قال تعالى يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ
فعلى هذا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ حقيقة في صورة مخادعتهم الله والذين آمنوا لانهم كانوا قبل مخادعتهم الله مستوجبين النار بكفرهم مع إمكان ظهور الايمان منهم فلما شرعوا في اظهار النفاق بطريق المخادعة نزلوا بقدم النفاق الدرك الأسفل من النار فابطلوا استعداد قبول الايمان وإمكانه عن أنفسهم فكانت مفسدة خداعهم ومكرهم راجعة الى أنفسهم وَما يَشْعُرُونَ اى ليس لهم الشعور بسر القدر الأزلي وان معاملتهم في المكر والخداع من نتايجه لان في قلوبهم مرضا ومرض القلب ما يفهم من شعور سر القدر فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً زاد يجيئ متعديا كما فى هذه الآية ولازما كما في قوله تعالى وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ والمرض حقيقة فيما يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال اللائق به ويوجب الخلل في أفاعيله ويؤدى الى الموت ومجاز في الاعراض النفسانية التي تخل بكمالها كالجهل وسوء العقيدة والحسد والضغينة وحب المعاصي وغير ذلك من فنون الكفر المؤدى الى الهلاك الروحاني لانها مانعة عن نيل الفضائل او مؤدية الى زوال الحياة الحقيقة الابدية والآية الكريمة تحتملها فان قلوبهم كانت متألمة تحرقا على ما فات عنهم من الرياسة وحسدا على ما يرون من ثبات امر الرسول عليه السلام واستعلاء شأنه يوما فيوما فزاد الله غمهم بما زاد في إعلاء امره ورفع قدره وان نفوسهم كانت مؤوفة بالكفر وسوء الاعتقاد ومعاداة النبي عليه السلام ونحوها فزاد الله ذلك بان طبع على قلوبهم لعلمه تعالى بانه لا يؤثر فيها التذكير والانذار وبازدياد التكاليف الشرعية وتكرير الوحى وتضاعف النصر لانهم كلما ازداد التكاليف بنزول الوحى يزدادون كفرا وقد كان يشق عليهم التكلم بالشهادة فكيف وقد لحقتهم الزيادات وهي وظائف الطاعات ثم العقوبة على الجنايات فازدادوا بذلك اضطرابا على اضطراب وارتيابا على ارتياب ويزدادون بذلك في الآخرة عذابا على عذاب قال تعالى زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ والمؤمنون لهم في الدنيا ما قال وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وفي العقبى ما قال وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال القطب العلامة امراض القلب اما متعلقة بالدين وهو سوء الاعتقاد والكفر او بالأخلاق وهي اما رذائل فعلية كالغل والحسد واما رذائل انفعالية كالضعف والجبن فحمل المرض اولا على الكفر ثم على الهيآت الفعلية ثم على الهيآت الانفعالية ويحتمل ان يكون قوله تعالى