ولا يخيبنا فى رجاء شفاعات الأعالي انه الكريم المتعالي فَسُبْحانَ اللَّهِ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها. والسبح المر السريع فى الماء او فى الهواء والتسبيح تنزيه الله وأصله المر السريع فى عبادة الله جعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا او نية والسبوح والقدوس من اسماء الله تعالى وليس فى كلامهم فعول سواهما. وسبحان هنا مصدر كغفران موضوع موضع الأمر مثل فضرب الرقاب والتسبيح محمول على حقيقته وظاهره الذي هو تنزيه الله عن السوء والثناء عليه بالخير. والمعنى إذا علمتم ايها العقلاء المميزون ان الثواب والنعيم للمؤمنين العاملين والعذاب والجحيم للكافرين المكذبين فسبحوا الله اى نزهوه عن كل ما لا يليق بشأنه تعالى حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ الحين بالكسر وقت مبهم يصلح لجميع الأزمان طال او قصر ويتخصص بالمضاف اليه كما فى هذا المقام. والإمساء الدخول فى المساء كما ان الإصباح الدخول فى الصباح والمساء والصباح ضدان قال بعضهم أول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الضحوة ثم الهجير ثم الظهر ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الأصيل ثم العشاء الاولى ثم العشاء الاخيرة عند مغيب الشفق. والمعنى سبحوه تعالى وقت دخولكم فى المساء وساعة دخولكم فى الصباح وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يحمده خاصة اهل السموات والأرض ويثنون عليه اى احمدوه على نعمه العظام فى الأوقات كلها فان الاخبار بثبوت الحمد له تعالى ووجوبه على اهل التمييز من خلق السموات والأرض فى معنى الأمر على ابلغ وجه. وتقديم التسبيح على التحميد لان التخلية بالمعجمة متقدمة على التحلية بالمهملة كشرب المسهل متقدم على شرب المصلح وكالاساس متقدم على الحيطان وما يبنى عليها من النقوش وَعَشِيًّا آخر النهار من عشى العين إذا نفص نورها ومنه الأعشى وهو معطوف على حين تمسون اى سبحوه وقت العشى وتقديمه على قوله وَحِينَ تُظْهِرُونَ اى تدخلون فى الظهيرة التي هى وسط النهار لمراعاة الفواصل وتغيير الأسلوب لانه لا يجىء منه الفعل بمعنى الدخول فى العشى كالمساء والصباح والظهيرة وتوسيط احمد بين اوقات التسبيح للاشعار بان حقها ان يجمع بينها كما ينبىء عنه قوله تعالى (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) وقوله عليه السلام (من قال حين يصبح وحين يمسى سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت له خطاياه وان كانت مثل زبد البحر) وقوله عليه السلام (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) وتخصيص التسبيح والتحميد بتلك الأوقات للدلالة على ان ما يحدث فيها من آيات قدرته واحكام رحمته ونعمته شواهد ناطقة بتنزهه تعالى واستحقاقه الحمد موجبة لتسبيحه وتحميده حتما وفى الحديث (من سرّه ان يكال له بالقفيز الاوفى فليقل فسبحان الله حين تمسون) الآية وحمل بعضهم التسبيح والتحميد فى الآية على الصلاة لاشتمالها عليهما. والسبحة الصلاة ومنه سبحة الضحى وقد جاء فى القرآن اطلاق التسبيح بمعنى الصلاة فى قوله تعالى (فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) قال القرطبي وهو من اجلاء المفسرين اى من المصلين وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الآية جامعة للصلوات الخمس ومواقيتها. تمسون صلاة المغرب والعشاء