للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الإسلام فأسلمت واغتسلت وأحرمت وها انا أطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال يا حامد انظر الى بركة الصدق في النصرانية كيف هداه الى الإسلام ثم صحبنا حتى مات بين الفقراء ومن الله الهداية والتوفيق هُوَ اى الله تعالى وحده الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ يعنى ان الله تعالى بجلال ذاته وعلو شانه اختص بإرسال رسوله الذي لا رسول أحق منه بإضافته اليه بِالْهُدى اى كونه ملتبسا بالتوحيد وهو شهادة ان لا اله الا الله فيكون الجار متعلقا بمحذوف او بسببه ولا جله فيكون متعلقا بأرسل وَدِينِ الْحَقِّ اى وبدين الإسلام وهو من قبيل اضافة الموصوف الى صفته مثل عذاب الحريق والأصل الدين الحق والعذاب المحرق ومعنى الحق الثابت الذي هو ناسخ الأديان ومبطلها لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اللام في الدين للجنس اى ليعلى الدين الحق ويغلبه على جنس الدين بجميع افراده التي هى الأديان المختلفة بنسخ ما كان حقا من بعض الاحكام المتبدلة بتبدل الاعصار واظهار بطلان ما كان باطلا او بتسليط المسلمين على اهل سائر الأديان ولقد أنجز الله وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الأديان الا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام ولا يبقى الا مسلم او ذمة للمسلمين وكم ترى من فتوح اكثر البلاد وقهر الملوك الشداد ما تعرف به قدرة الله تعالى وفي الآية فضل تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على انه سيفتح لهم من البلاد ويعطيهم من الغلبة على الا قاليم ما يستقلون اليه فتح مكة وقد أنجز كما أشير اليه آنفا واعلم ان قوله ليظهر اثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالأغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما هو غرض له وَكَفى بِاللَّهِ اى الذين له الإحاطة بجميع صفات الكمال شَهِيداً على ان ما وعده كائن لا محالة او على نبوته عليه السلام بإظهار المعجزات وان لم يشهد الكفار وعن ابن عباس رضى الله عنهما شهد له بالرسالة وهو قوله مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فمحمد مبتدأ ورسول الله خبره وهو وقف تام والجملة مبينة للمشهود به وقيل محمد خبر مبتدأ محذوف وقوله رسول الله بدل او بيان او نعت اى ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق محمد رسول الله قال في تلقيح الأذهان اعلم الله سبحانه محمدا عليه السلام أنه خلق الموجودات كلها من أجل أي من أجل ظهوره أي من أجل تجليه به حتى قال ليس شيء بين السماء والأرض الا يعلم إني رسول الله غير يا بني الإنس والجن وقال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره لما تجلى الله وحد جميع الأرواح فوجد أولا روح نبينا صلّى الله عليه وسلّم ثم سائر الأرواح فلفن التوحيد فقال لا إله إلا الله فكرمه الله بقوله محمد رسول الله فأعطى الرسالة في ذلك الوقت ولدا قال عليه السلام كنت نبيا وآدم بين داء الطين انتهى ومعنى الحديث انه كان نبيا بالفعل عالما بنبوة وغيره من الأنبياء ما كان نبيا به الفعل ولا عالما بنبوته الا حين بعث بعد وجوده ببدنه العنصري واستكمال شرائط النبوة فكل من بدا بعد وجود المصطفى عليه السلام فهم نوابه وخلفاؤه مقدمين

<<  <  ج: ص:  >  >>