للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تنبت الا فى القلب مثل الأرض يشير الى التواضع والى هذه الاشارة بقول سيد البشر من اخلص لله اربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه والينابيع لا تكون الا فى الأرض وهو موضع نبع الماء فظهر ان الكفار لما لم ينزلوا أنفسهم الى مرتبة التواضع والعبودية. ولم يقبلوا الانذار بحسن النية. حرموا من الورود الى المنهل العذب الذي هو القرآن.

فبقوا عطشى الأكباد فى زوايا الهجران. واين المتكبرون المتصعدون الى جوّ هواهم. من الشرب من ينبوع الهدى الذي أجراه من لسان حبيبه مولاهم. وكما ان الكفار بالكفر الجلى ادعوا كون القرآن سحرا وأنكروا مثل ذلك الخارق لعاداتهم. فكذا المشركون بالشرك الخفي أنكروا الكرامات المخالفة لمعاملاتهم قال الام اليافعي رحمه الله ثم ان كثيرا من المنكرين لو رأوا الأولياء والصالحين يطيرون فى الهواء لقالوا هذا سحر وهؤلاء شياطين ولا شك ان من حرم التوفيق وكذب بالحق غيبا وحدسا كذب به عيانا وحسا فواعجبا كيف نسب السحر وفعل الشياطين الى الأنبياء العظام والأولياء الكرام نسأل الله العفو والعافية سرا وجهارا. وان يحفظنا من العقائد الزائغة والأعمال الموجبة بوارا إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خطاب لكفار مكة اى مربيكم ومدبر أموركم خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ التي هى اصول الممكنات وجسام الأجسام فان قيل الموصولات موضوعة لان يشاربها الى ما يعرفه المخاطب باتصافه بمضمون الصلة والعرب لا يعلمون كونه تعالى خالق السموات والأرض أجيب بان ذلك امر معلوم مشهور عند اهل الكتاب والعرب كانوا يتخالطون معهم فالظاهر انهم سمعوه منهم فحسن هذا التعريف لذلك قال فى ربيع الأبرار تفكروا ان الله خلق السموات سبعا والأرضين وثخانة كل ارض خمسمائة عام وثخانة كل سماء خمسمائة عام وما بين كل سماء خمسمائة عام وفى السماء السابعة بحر عمقه مثل ذلك كله فيه ملك لم يتجاوز الماء كعبه فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ اى فى ستة اوقات فان اصل الأيام هو يوم الآن المشار اليه بقوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ وهو الزمن الفرد الغير المنقسم وسمى يوما لان الشان يحدث فيه فبالآن تتقدر الدقائق وبالدقائق تتقدر الدرج وبالدرج تتقدر الساعات وبالساعات يتقدر اليوم فاذا انبسط الآن سمى اليوم وإذا انبسط اليوم سمى أسابيع وشهورا وسنين ادوارا فيوم كالآن وهو ادنى ما يطلق عليه الزمان ومنه يمتد الكل ويوم كالف سنة وهو يوم الآخرة ويوم كخمسين الف سنة وهو يوم القيامة اى ادنى مقدار ستة ايام لان اليوم عبارة عن زمان مقدر مبدأه طلوع الشمس ومنتهاه غروبها فكيف تكون حين لا شمس ولا نهار ولو شاء لخلقها فى اقل من لحظة لكنه أشار الى التأنى فى الأمور فلا يحسن التعجيل الا فى التوبة وقضاء الدين وقرى الضيف وتزويج البكر ودفن الميت والغسل من الجنابة: وفى المثنوى

مگر شيطانست تعجيل وشتاب ... خوى رحمانست صبر واحتساب «١»

با تأنى كشت موجود از خدا ... تابشش روز اين زمين و چرخها «٢»

ور نه قادر بود كز كن فيكون ... صد زمين و چرخ آوردى برون

اين تأنى از پى تعليم تست ... طلب آهسته بايد بى شكست


(١) در اواسط دفتر پنجم در بيان بردن روباه ضررا پيش شير إلخ [.....]
(٢) در اواخر دفتر سوم در بيان حيله دفع مغبون شدن در بيع وشرا

<<  <  ج: ص:  >  >>