للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخالق قال ابو سعيد الخراز قدس سره العبودية ثلاثة الوفاء لله على الحقيقة ومتابعة الرسول فى الشريعة والنصيحة لجماعة الامة واعلم ان العبادة هى المقصود من خلق الأشياء كما قال الله تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) سواء فسرت العبادة بالمعرفة أم لا إذ لا تكون المعرفة الحقيقية الا من طريق العبادة وعن معاذ رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلنى الجنة ويباعدنى من النار قال (لقد سألت عن عظيم وانه يسير على من يسر الله تعالى تعبد الله لا تشرك به شيأ وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا ادلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفأ النار بالماء وصلاة الرجل فى جوف الليل) ثم تلا (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) الآية ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه الجهاد) ثم قال (ألا أخبرك بملاك ذلك كله) قلت بلى يا رسول الله فاخذ بلسانه وقال (كيف عليك هذا) قلت يا نبى الله وانا المؤاخذون بما نتكلم به فقال (ثكلتك أمك وهل يكب الناس فى النار على وجوههم او على منا خرهم الا حصائد ألسنتهم)

ترا ديده در سر نهادند وكوش ... دهن جاى كفتار ودل جاى هوش

مكر باز دانى نشيب از فراز ... نكويى كه اين كوته است آن دراز

إِنْ تَكْفُرُوا به تعالى بعد مشاهدة ما ذكر من فنون نعمائه ومعرفة شؤونه العظيمة الموجبة للايمان والشكر. والخطاب لاهل مكة كما فى الوسيط والظاهر التعميم لكل الناس كما فى قوله تعالى (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وعن العالمين اى فاعلموا انه تعالى غنى عن ايمانكم وشكركم غير متأثر من انتفائهما والغنى هو الذي يستغنى عن كل شىء لا يحتاج اليه لا فى ذاته ولا فى صفاته لانه الواجب من جميع جهاته وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وان تعلقت به إرادته تعالى من بعضهم اى عدم رضاه بكفر عباده لاجل منفعتهم ودفع مضرتهم رحمة عليهم لا لتضرره به تعالى. وانما قيل لعباده لا لكم لتعميم الحكم للمؤمنين والكافرين وتعليله بكونهم عباده واعلم ان الرضى ترك السخط والله تعالى لا يترك السخط فى حق الكافر لانه لسخطه عليه اعدله جهنم ولا يلزم منه عدم الارادة إذ ليس فى الارادة ما فى الرضى من نوع استحسان فالله تعالى مريد الخير والشر ولكن لا يرضى بالكفر والفسوق فان الرضى انما يتعلق بالحسن من الافعال دون القبيح وعليه اهل السنة وكذا اهل الاعتزال وقال ابن عباس رضى الله عنهما والذي لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر وهم الذين ذكرهم فى قوله (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) فيكون عاما مخصوصا كقوله (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ) يريد بعض العباد وعليه بعض الماتريدية حيث قالوا ان الله يرضى بكفر الكافر ومعصية العاصي كما انه يريدهما صرح بذلك الخصاف فى احكام القرآن ونقل ان هشام بن عبد الملك انما قتل غيلان القدري باشارة علماء الشام بقوله ان الله لا يرضى لعباده الكفر قال هشام ان لم يكن الله قادرا على دفع الكفر عن الكافر يكون عاجزا فلا يكون الها وان قدر فلم يدفع يكون راضيا فافحم غيلان وفى الأسئلة المقحمة فان قيل هل يقولون بان كفر الكافر قد رضيه الله تعالى للكافر قلنا ان الله تعالى خلق كفر الكافر ورضيه له

<<  <  ج: ص:  >  >>