للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله الذكر فقد خلص لله من الظلم إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من التدمير العجيب بظلمهم لَآيَةً لعبرة عظيمة لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ يتصفون بالعلم فيتعظون. يعنى اعلم يا محمد انى فاعل ذلك العذاب بكفار قومك فى الوقت الموقت لهم فليسوا خيرا منهم كما فى كشف الاسرار وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا صالحا ومن معه من المؤمنين وَكانُوا يَتَّقُونَ اى الكفر والمعاصي اتقاء مستمرا فلذلك خصوا بالنجاة وكانوا اربعة آلاف خرج بهم صالح الى حضر موت وهى مدينة من مدن اليمن وسميت حضر موت لان صالحا لما دخلها مات وفيه اشارة الى ان الهجرة من ارض الظلم الى ارض العدل لازمة خصوصا من ارض الظالمين المؤاخذين بانواع العقوبات إذ مكان الظلم ظلمة فلا نور للعبادة فيه وان الإنسان إذا ظلم فى ارض ثم تاب فالافضل له ان يهاجر منها الى مكان لم يعص الله تعالى فيه. ثم ان الظالم المفسد فى مدينة القالب الإنسان هى العناصر الاربعة والحواس الخمس وهى تسعة رهط يجتهدون فى غلبة صالح القلب لمخالفته لهم فان القلب يدعوهم الى العبودية وترك الشهوات وهم يدعونه الى النظر الى الدنيا والاعراض عن العقبى والتعطل عن خدمة المولى فاذا كان القلب مؤيدا بالإلهام الرباني لا يميل الى الحظوظ الظاهرة والباطنة ويغلب على القوى جميعا فيحصل له النجاة وتهلك الخواص التسع وآفاتها فيبقى القالب والأعضاء التي هى مساكن الخواص خالية عن الخواص والآفات الغالبة ثم لا يحيى ما مات ابدا ونعم ما قيل «الفاني لا يرد الى أوصافه» [پس أوليا را خوف ظهور طبيعت نيست زيرا كه طبيعت ونفس عدو است وعدو خالى نميشود از غدر ومكر پس چون عداوت بمحبت منقلب ميشود مكر زائل كردد وخوف نماند] نسأل الله سبحانه ان ينجينا من مكر النفس والشيطان ويخلصنا من مكاره الأعداء مطلقا فى كل زمان وَلُوطاً اى وأرسلنا لوطا بن هاران إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ ظرف للارسال على ان المراد به امر ممتد وقع فيه الإرسال وما جرى بينه وبين قومه من الافعال والأقوال وقال بعضهم انتصاب لوطا بإضمار اذكر وإذ بدل منه اى واذكر إذ قال لوط لقومه على وجه الإنكار عليهم أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ الفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال والمراد به هاهنا اللواطة والإتيان فى الأدبار. والمعنى أتفعلون الفعلة المتناهية فى القبح: وبالفارسية [آيا مى آييد بعمل زشت] وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ من بصر القلب وهو العلم فانه يقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة ويقال للضرير بصير على سبيل العكس او لماله قوة بصيرة القلب اى والحال انكم تعلمون فحشها علما يقينيا وتعاطى القبيح من العالم بقبحه أقبح من غيره ولذا قيل فساد كبير جاهل متنسك وعالم متهتك او من نظر العين اى وأنتم تبصرونها بعضكم من بعض لما انهم كانوا يعلنون بها ولا يستترون فيكون افحش أَإِنَّكُمْ [آيا شما] لَتَأْتُونَ الرِّجالَ بيان لاتيانهم الفاحشة وعلل الإتيان بقوله شَهْوَةً للدلالة على قبحه والتنبيه على ان الحكمة فى المواقعة طلب النسل لا قضاء الوطر واصل الشهوة نزوع النفس الى ما تريده مِنْ دُونِ النِّساءِ اى حال كونكم مجاوزين النساء اللاتي هن محال الشهوة بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ حيث لا تعملون بموجب علمكم فان من لا يجرى على مقتضى بصارته وعلمه ويفعل فعل الجاهل

<<  <  ج: ص:  >  >>