للذكرى وله متعلق بما تعلق به الخبر أي ومن اين يكون له الذكرى وقد فات أوانها وقيل هناك محذوف واللام للنفع اى انى له منفعة الذكرى وبه يرتقع التناقض الواقع بين اثبات التذكر او لا ونفيه ثانيا ثم انه تعالى لما نفى كون هذه الذكرى والتوبة نافعة له بقوله وأنى له الذكرى علمنا انه لا يجب قبول التوبة كما ذهب اليه المعتزلة وفى الإرشاد والاستدلال به على عدم وجواب قبول التوبة فى دار التكليف يعنى عقلا كما تزعم المعتزلة مما لا وجه له على ان تذكره ليس من التوبة فى شىء فانه عالم بانها انما تكون فى الدنيا كما يعرب عنه قوله تعالى يَقُولُ يا أيها الحاضرون لَيْتَنِي كاشكى من قَدَّمْتُ لِحَياتِي وهو بدل اشتمال من يتذكر أو استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عنه كأنه قيل ماذا يقول عند تذكره فقيل يقول يا ليتنى عملت لاجل حياتى هذه يعنى لتحصيل الحياة الاخروية التي هى حياة نافعة دائمة غير منقطعة أعمالا صالحة انتفع بها اليوم او وقت حياتى على ان اللام بمعنى فى للتوقيت ويجوز أن يكون المعنى قدمت عملا ينجينى من العذاب فأكون من الاحياء قال تعالى لا يموت فيها ولا يحيى.
واعلم ان أهل الحق لا يسلبون الاختيار بالكلية وليس فى هذا التمني شائبة دلالة على استقلال العبد بفعله كما يزعمه المعتزلة وانما الذي يدل عليه ذلك اعتقاد كونه متمكنا من تقديم الأعمال الصالحة واما ان ذلك بمحض قدرته او بخلق الله عند صرف قدرته الكاسبة اليه فلا واما ما قيل من ان المحجور قد يتمنى ان كان ممكناه منه وموفقا له فربما يوهم ان من صرف قدرته الى احمد طرفى الفعل يعتقد انه محجور من الطرف الآخر وليس كذلك بل كل أحد جازم بأنه لو صرف قدرته الى اى طرف كان من أفعاله الاختيارية لحصل وعلى هذا يدور فلك التكليف والزام الحجة فَيَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يكون ما ذكر من الأحوال والأقوال لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ الهاء راجع الى الله تعالى والعذاب بمعنى التعذيب كالسلام بمعنى التسليم وكذا الوثاق بالفتح بمعنى الإيثاق وهو الشد بالوثاق وهو ما يشد به من الحديد والحبل والايثاق بالفارسية بند كردن يعنى بسلاسل وأغلال وأسير كرد در ان.
والمعنى لا يتولى عذاب الله ووثاقه أحد سواه إذ الأمر كله لله فلا يلزم ان يكون يوم القيامة معذب سوى الله لكنه لا يعذب أحد مثل عذابه وفى عين المعاني لا يعذب كعذاب الله فى الآخرة أحد فى الدنيا ويجوز أن يكون الهاء للانسان اى لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه وقرأهما الكسائي ويعقوب على بناء المفعول وفى الكشاف هى قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن ابى عمر وأنه رجع اليه فى آخر عمره اى لا يعذب مثل عذاب الإنسان أحد وظاهره يقتضى ان يكون عذابه أشد من عذاب إبليس الا ان يكون المراد أحد من هذا الجنس كعصاة المؤمنين نسأل الله السلامة والعافية فى الدارين يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ لما ذكر شقاوة النفس الامارة شرع فى بيان سعادة النفس المطمئنة والاطمئنان السكون بعد الإزعاج وسكون النفس انما هو بالوصول الى غاية الغايات فى اليقين والمعرفة والشهود وفى قوله تعالى ألا بذكر الله تطمئن القلوب تنبيه على انه بمعرفته تعالى والإكثار من عبادته يكتسب اطمئنان النفس وإذا وصلت الى مقام الاطمئنان بذكر الله صار صاحبها فى مقام