من الاول اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ من الأعمال المؤدية الى ما ذكر من الإلقاء فى النار والإتيان آمنا وآثروا ما شئتم فانكم لا تضرون الا أنفسكم وفيه تهديد شديد لظهور أن ليس المقصود الأمر بكل عمل شاؤا قال فى الاسئلة المقحمة هو امر وعيد ومعناه أن المهلة ما هى لعجزو لا لغفلة وانما يعجل من يجاف الفوت وهو ابلغ اسباب الوعيد إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم بحسب أعمالكم.
وفى الآية تخويف لأهل الشطح والطامات الذين يريدون العزة عند العامة ويزعقون ويمزقون ثيابهم ويجلسون فى الزوايا ويتزهدون وينظرون فى تصانيف المشايخ ويقولون عليها ما يجهلون ويتزخرفون وينتظرون دخول الأمراء عليهم ويدعون المكاشفة والأحوال والمواجيد لا يخفى على الله كذبهم وزورهم وبهتانهم ونياتهم الفاسدة وقلوبهم الغافلة وكذا على أوليائه من الصديقين والعارفين الذين يرون خفايا قلوب الخلق بنور الله لو رأيتهم كيف يفتضحون يوم القيامة على رؤوس الاشهاد وترى اهل الحق ينظرون الى الحق بابصار نافذة وقلوب عاشقة لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة وقد وصف النبي هؤلاء الملحدين وشبههم بالفراعنة وشبه قلوبهم بقلوب الذئاب كما قال عليه السلام يخرج فى أمتي أقوام لسانهم لسان الأنبياء وقلوبهم كقلوب الفراعنة وقال فى موضع آخر كقلوب الذئاب يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا قال بعضهم معنى هذه الآية ان الذين يجترئون علينا على غير سبيل الحرمة فانه لا يخفى علينا جراءتهم علينا وتعديهم فى دعواهم وقال ابن عطاء فى هذه الآية ان المدعى عن غير حقيقة سيرى منا ما يستحقه من تكذيبه على لسانه وتفضيحه فى أحواله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ اى القرآن فيكون من وضع الظاهر موضع ضمير الآيات لَمَّا جاءَهُمْ اى بادهوه بالكفر والإنكار ساعة جاءهم وأول ما سمعوه من غير اجالة فكروا عادة نظر وكذبوا به على البديهة قبل التدبر ومعرفة التأويل قوله ان الذين إلخ بدل من قوله ان الذين يلحدون إلخ بدل الكل بتكرير العامل وخبر ان هو الخبر السابق وهو لا يخفون علينا لأن الحادهم فى الآيات كفر بالقرءان فلهذا اكتفى بخبر الاول عن الثاني الا أنه غير معهود الا فى الجار والمجرور لشدة الاتصال قال الرضى ولا يتكرر فى للنظ فى البدل من العوامل الا حرف الجر لكونه كبعض حروف المجرور وقيل مستأنف وخبرها محذوف مثل سوف نصليهم نارا وذلك بعد قوله حميد وقال الكسائي سد مسد الخبر السابق وَإِنَّهُ إلخ جملة حالية مفيدة لغاية شناعة الكفر به اى والحال أن الذكر لَكِتابٌ عَزِيزٌ اى كثير المنافع عديم النظير فهو من العز الذي هو خلاف الذل او منيع لا تتأتى معارضته وابطاله وتحريفه فهو من العزة بمعنى الغلبة فالقرءآن وان كان لا يخلو عن طعن باطل من الطاعنين وتأويل فاسد من المبطلين الا أنه يؤتى بحفظة ويقدر له فى كل عصر منعة يحرسونه بابطال شبه اهل الزيغ والأهواء ورد تأويلاتهم الفاسدة فهو غالب بحفظ الله إياه وكثرة منعته على كل من يتعرض له بالسوء امام قشيرى قدس سره فرموده كه قرآن عزيز است زيرا كلام رب عزيزست كه ملك عزيز بر رسول عزيز آورده