الرحمة او لان توبتهم لا تكون إلا نفاقا لارتدادهم وازديادهم كفرا وذلك لم تدخل فيه الفاء وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ على سبيل الكمال فهو من قبيل حصر الكمال والأفكل كافر ضال سوآء كفر بعد الايمان او كان كافرا فى الأصل ومن جملة كمالهم فى الضلال ثباتهم عليه وعدم كون الاهتداء متوقعا منهم إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ لما كان الموت على الكفر سببا لامتناع قبول الفدية دخلت الفاء هاهنا إيذانا بسببية المبتدأ لخبره مِنْ أَحَدِهِمْ فدية مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً تمييز اى ما يملؤها من شرقها الى غربها وَلَوِ افْتَدى بِهِ اى بملئ الأرض ذهبا. فان فيل نفى قبول الافتداء يوهم ان الكافر يملك يوم القيامة من الذهب ما يفتدى به وهو لا يملك فيه نقيرا ولا قطميرا فضلا عن ان يملك ملئ الأرض ذهبا. قلنا الكلام وارد على سبيل الفرض والتقدير فالذهب كناية من أعز الأشياء وكونه ملئ الأرض كناية عن كونه فى غاية الكثرة والتقدير لو ان الكافر يوم القيامة قدر على أعز الأشياء بالغا الى غاية الكثرة وقدر على بذله ليل أعز المطالب لا يقدر على ان يتوسل بذلك الى تخليص نفسه من عذاب الله تعالى والمقصود بيان انهم آيسون من تخليص أنفسهم من العقاب أُولئِكَ اشارة الى المذكورين باعتبار اتصافهم بالصفات الشنيعة المذكورة لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ اى مؤلم وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ فى دفع العذاب عنهم او فى تخفيفه ومن مزيدة للاستغراق وصيغة الجمع لمراعاة الضمير اى ليس لواحد منهم ناصر واحد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول الله لاهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو ان لك ما فى الأرض من شىء أكنت تفدى به فيقول نعم فيقول أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم ان لا تشرك بي شيأ فابيت الا ان تشرك بي) . قال الامام اعلم ان الكافر على ثلاثة اقسام أحدها الذي يتوب عن الكفر توبة صحيحة مقبولة وهو الذي ذكره الله فى قوله الا الذين تابوا واصلحوا فان الله غفور رحيم. وثانيها الذي يتوب عن ذلك الكفر توبة فاسدة وهو الذي ذكره الله تعالى فى الآية المتقدمة وقال لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ. وثالثها الذي يموت على الكفر من غير توبة البتة وهو المذكور فى هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ الآية انتهى وهم الذين رسخت هيئة استيلاء النفوس الامارة على قلوبهم وتمكنت وصارت رينا وتناهوا فى الشر والغى وتمادوا فى العناد والبغي فلن يقبل من أحدهم ملئ الأرض إذ لا يقبل هناك الا الأمور النورانية الباقية لان الآخرة هى عالم النور والبقاء فلا وقع ولا خطر للامور الظلمانية الفانية فيها وهل كان سبب كفرهم واحتجابهم الا محبة هذه العوائق الفانية فكيف تكون فداءهم وسبب نجاتهم وقربهم وقبولهم وهى بعينها سبب هلاكهم وبعدهم وخسرانهم وحرمانهم فاياك من أوصاف الكفر وهى حب الدنيا واتباع الهوى والإقبال على شهوات النفس والاعراض عن الحق
ترا شهوت وكبر وحرص وحسد ... چوخون درر كند و چوجان در جسد
يعنى كما ان الدم سارى فى العروق وجارى فيها وكذا الروح فى الجسد فكذلك هذه الصفات الذميمة محيطة بك