للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث (القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق فمن قال بكونه مخلوقا فقد كفر بالذي أنزله) نسأل الله العصمة والحفظ من الإلحاد وسوء الاعتقاد ثم اعلم ان من الأمور اللازمة تعليم الجهلاء ورد الملاحدة والمبتدعة فانه كوضع الدواء على جراحة المجروح او كقتل الباغي المضر وردهم بالاجوبة القاطعة مما لا يخالف الشريعة والطريقة ألا ترى ان الله تعالى امر حبيبه عليه السلام بالجواب للطاعنين فى القرآن وقد أجاب السلف عمن أطال على القرآن وذهب على حدوثه ومخلوقيته وكتبوا رسائل وكذا علماء كل عصر جاهدوا المخالفين بما أمكن من المعارضة حتى ألقموهم الحجر وأفحموهم وخلصوا الناس من شبهاتهم وشكوكهم وفى الحديث (من انتهر) اى منع (بكلام غليظ صاحب بدعة سيئة مما هو عليه من سوء الاعتقاد والفحش من القول والعمل ملأ الله تعالى قلبه أمنا وايمانا ومن أهان صاحب بدعة آمنه الله تعالى يوم القيامة من الفزع الأكبر) اى النفخة الاخيرة التي تفزع الخلائق عندها او الانصراف الى النار أو حين يطبق على النار او يذبح الموت واطلق الامن فى صورة الانتهار والمراد الا من فى الدنيا مما يخاف خصوصا من مكر من انتهره ويدل عليه ما بعده وهو الايمان فانه من مكاسب الدنيا نسأل الله الامن والامان وكمال الايمان والقيام باوامره والاتعاظ بمواعظه وزواجره وَقالُوا اى المشركون من اشراف قريش كابى جهل وعتبة وامية وعاص وأمثالهم وذلك حين اجتماعهم عند ظهر الكعبة ما استفهامية بمعنى انكار الوقوع ونفيه مرفوعة على الابتداء خبرها قوله لِهذَا الرَّسُولِ وجدت اللام مفصولة عن الهاء فى المصحف واتباعه سنة وفى هذا تصغير لشأنه عليه السلام وتسميته رسولا بطريق الاستهزاء اى أي سبب حصل لهذا الذي يدعى الرسالة حال كونه يَأْكُلُ الطَّعامَ كما نأكل والطعام ما يتناول من الغذاء وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لطلب المعاش كما نمشى جمع سوق وهو الموضع الذي يجلب اليه المتاع للبيع ويساق أنكروا ان يكون الرسول بصفة البشر يعنى ان صح دعواه فما باله لم يخالف حاله حالنا قال بعضهم ليس بملك ولا ملك وذلك لان الملائكة لا يأكلون ولا يشربون والملوك لا يتسوفون ولا يبتذلون فعجبوا ان يكون مثلهم فى الحال ولا يمتاز من بينهم بعلو المحل والجلال لعدم بصيرتهم وقصور نظرهم على المحسوسات فان تمييز الرسل عمن عداهم ليس بامور جسمانية وانما هو بأحوال نفسانية فالبشرية مركب الصورة والصورة مركب القلب والقلب مركب العقل والعقل مركب الروح والروح مركب المعرفة والمعرفة قوة قدسية صدرت عن كشف عين الحق قال الكاشفى [ندانستند كه نبوت منافى بشريت نيست بلكه مقتضى آنست تا تناسب وتجانس كه سبب أفاده واستفاده است بحصول پيوندد] جنس بايد تا در آميزد بهم وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكفار صم بكم عمى فهم لا يعقلون لانهم نظروا الى الرسول بنظر الحواس الحيوانية وهم بمعزل من الحواس الروحانية والربانية فما رأوا منه الا ما يرى من الحيوان وما رأوه بنظر يرى به النبوة والرسالة ليعرفوه انه ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين فلهذا قال تعالى (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>