للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفظيعه بهول ما يتعلق به مما يصنع بهم يومئذ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عظيم عَلَى النَّاسِ جميعا حيث أنعم عليهم بالعقل المميز بين الحق والباطل والحسن والقبيح ورحمهم بانزال الكتب وإرسال الرسل وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ تلك النعمة الجليلة فلا يصرفون قواهم ومشاعرهم الى ما خلقت له ولا يتبعون دليل العقل فيما يستبدبه ولا دليل الشرع فيما لا يدرك الا به وَما نافية تَكُونُ يا محمد فِي شَأْنٍ اى فى امر والجمع شؤون من قولك شأنت شأنه قصدت قصده مصدر بمعنى المفعول ويكون الشأن بمعنى الحال ايضا يقال ما شأن فلان بمعنى ما حاله وَما تَتْلُوا مِنْهُ الضمير للشأن والظرف صفة لمصدر محذوف اى تلاوة كائنة من الشأن لان تلاوة القرآن معظم شأن الرسول مِنْ قُرْآنٍ من مزيدة لتأكيد النفي وقرآن مفعول تتلو وَلا تَعْمَلُونَ [اى آدميان] مِنْ عَمَلٍ من الأعمال تعميم للخطاب بعد تخصيصه بمن هو رأسهم ولذلك ذكر حيث خص ما فيه فخامة وذكر حيث عم ما يتناول الجليل والحقير قال ابن الشيخ الخطاب وان خص به عليه السلام اولا بحسب الظاهر الا ان الامة داخلون فيه لان رئيس القوم إذا خوطب دخل قومه فى ذلك الخطاب كما فى قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً استثناء مفرغ من أعم احوال المخاطبين بالافعال الثلاثة اى ما تلابسون بشئ منها فى حال من الأحوال الا حال كوننا رقباء مطلعين عليه حافظين له إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ظرف لشهودا إذ تخلص المضارع لمعنى الماضي والافاضة الدخول فى العمل يقال أفاض القوم فى العمل إذا اندفعوا فيه اى تخوضون وتندفعون فيه وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ اى لا يبعد ولا يغيب عن علمه الشامل مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ من مزيدة لتأكيد النفي اى ما يساوى فى الثقل نملة صغيرة او هباء فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ اى فى دائرة الوجود والإمكان وَلا لنفى الجنس أَصْغَرَ اسمها مِنْ ذلِكَ الذرة وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ خبرها وهو اللوح المحفوظ فاذا كان كل شىء مكتوبا فى اللوح فكيف يغيب عن علمه شىء وكيف يخفى عليه امر فلا يظن أحد انه لا يجازى على أقواله وأفعاله خيرا كانت او شرا وفيه اشارة الى طريق المراقبة وحث على المحافظة فان المرء إذا علم يقينا اطلاع الله عليه فى كل آن وحافظ على أوقاته سلم من الخلاف وعامل بالانصاف- حكى- عن عمر البناني رحمه الله قال مررت براهب فى مقبرة فى كفه اليمنى حصى ابيض وفى كفه اليسرى حصى اسود فقلت يا راهب ما تصنع هاهنا قال إذا فقدت قلبى أتيت المقابر فاعتبرت بمن فيها فقلت ما هذا الحصى الذي فى كفك فقال اما الحصى الأبيض إذا عملت حسنة ألقيت واحدة منها فى الأسود وإذا عملت سيئة ألقيت واحدة من هذا الأسود فى الأبيض فاذا كان الليل فنظرت فان فضلت الحسنات على السيئات أفطرت وقمت الى وردى وان فضلت السيئات على الحسنات لم آكل طعاما ولم اشرب شرابا فى تلك الليلة هذه حالتى والسلام عليك وعن بعض الكبار من علامة موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من المراقبات وترك الندم على ما فعلته من وجود الزلات لان الحياة تقتضى الاحساس والعكس صفة الميت وكل معصية من الغفلة والنسيان فذاكر الحق سالم فى الدنيا والآخرة- حكى- ان وليسا اشتاق الى رؤية حبيب

<<  <  ج: ص:  >  >>