للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء فى بعض الآثار ان الله تعالى يقول (ابن آدم تريد وأريد ولا يكون الا ما أريد فان سلمت لى فيما أريد أعطيتك ما تريد) وان نازعتنى فيما أريد اتبعتك فيما تريد ثم لا يكون الا ما أريد) فالادب مع الله تعالى ان يستسلم العبد لما أظهره الله تعالى فى الوقت ولا يريد احداث غيره وفى التأويلات النجمية لما أخرجوه من جب الطبيعة ذهبوا به الى مصر الشريعة وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ وهو عزيز مصر الشريعة اى الدليل والمربى على جادة الطريقة ليوصله الى عالم الحقيقة لِامْرَأَتِهِ وهى الدنيا أَكْرِمِي مَثْواهُ اخدمي له فى منزل الجسد بقدر حاجته الماسة عَسى أَنْ يَنْفَعَنا حين يكون صاحب الشريعة وملكا من ملوك الدنيا يتصرف فينا باكسير النبوة فتصير الشريعة حقيقة والدنيا آخرة أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً نربيه بلبان ثديى الشريعة والطريقة والفطام عن الدنيا الدنية وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يشير الى ان تمكين يوسف القلب فى ارض البشرية انما هو ليعلم علم تأويل الرؤيا وهو علم النبوة كما قال وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فكما ان الثمرة على الشجرة انما تظهر إذا كان اصل الشجرة راسخا فى الأرض فكذلك على شجرة القلب انما تظهر ثمرات العلوم الدينية والمشهادة الربانية إذا كان قدم القلب ثابتا فى طينة الانسانية وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ بمعنيين أحدهما. ان يكون الله غالبا على امر القلب اى يكون الغالب على امره ومحبة الله وطلبه والثاني ان يكون الغالب على امر القلب جذبات العناية لتقيمه على صراط مستقيم الفناء منه والبقاء بالله فيكون تصرفاته بالله ولله وفى الله لانه باق بهويته فانى عن انانية نفسه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ انهم خلقوا مستعدين لقبول هذه الكمالية يصرفون استعدادهم فيما يورثهم النقصان والخسران انتهى ما فى التأويلات ثم ان الله تعالى مدح العلم فى هذه الآية وذم الجهل. اما الاول فلان الله تعالى ذكر العلم فى مقام الامتنان حيث قال وَلِنُعَلِّمَهُ واما الثاني فلانه قال وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وعلم منه ان أقلهم يعلمون. والعلم علمان علم الشريعة وعلم الحقيقة ولكل منهما فضل فى مقامه وفى الخبر قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال (العلم بالله) قيل أي الأعمال يزيد مرتبة قال (العلم بالله) فقيل نسأل عن العمل تجيب عن العلم فقال (ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل) والعلم بالله لا يتيسر الا بتصفية الباطن وتجلية مرآة القلب وكان مطمح نظر الأكابر فى إصلاح القلوب والسرائر دون القوالب والظواهر لان الظواهر مظهر نظر الخلق والبواطن مظهر نظر الحق وإصلاح ما يتعلق بالحق اولى من إصلاح ما يتعلق بالخلق

كعبه بنياد خليل آز رست ... دل نظر كاه جليل اكبرست

نسأل الله التوفيق وَلَمَّا بَلَغَ يوسف أَشُدَّهُ قال فى القاموس اى قوته وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين. واحد جاء على بناء الجمع كأنك ولا نظير لهما او جمع لا واحد له من لفظه وقال اهل التفسير اى منتهى اشتداد جسمه وقوته واستحكام عقله وتمييزه وهو سن الوقوف ما بين الثلاثين الى الأربعين والعقلاء ضبطوا مراتب أعمار الناس فى اربع. الاولى سن النشو والنماء ونهايته الى ثلاثين سنة. والثانية سن الوقوف وهو سن الشباب ونهايته الى ان

<<  <  ج: ص:  >  >>