أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ لا انهم خارجون منه متوجهون اليه كما فى قوله تعالى وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ وَالْعُدْوانِ اى الظلم المتعدى الى الغير وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ اى الحرام لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى لبئس شيأ كانوا يعملونه والجمع بين صيغتى الماضي والمستقبل للدلالة على الاستمرار لَوْلا حرف تحضيض يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ المراد بهم العلماء الا ان الرباني الزاهد العارف الواصل والحبر العالم العامل المقبول عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وهو قولهم آمنا وليسوا بمؤمنين وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ مع علمهم بقبحها ومشاهدتهم لمباشرتهم لها لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ هو ابلغ من قوله لبئس ما كانوا يعملون لان الصنع أقوى من العمل فان العمل انما يسمى صناعة إذا صار مستقرا راسخا متمكنا فجعل جرم من عمل الإثم والعدوان وأكل السحت ذنبا غير راسخ وذنب التاركين للنهى عن المنكر ذنبا راسخا وفى الآية مما ينعى على العلماء من توانيهم فى النهى عن المنكرات ما لا يخفى: قال الشيخ السعدي
كرت نهى منكر برآيد ز دست ... نشايد چوبى دست و پايان نشست
چودست وزبانرا نماند مجال ... بهمت نمانيد مردى رجال
قال عمر بن عبد العزيز ان الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة ولكن إذا أظهروا المعاصي فلم ينكروا استحق القوم جميعا للعقوبة ولولا حقيقة هذا المعنى فى التوبيخ على المشايخ والعلماء فى ترك النصيحة لما اشتغل المحققون بدعوة الخلق وتربيتهم لاستغراقهم فى مشاهدة الحق ومؤانستهم به. قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره السالك إذا وصل الى الحقيقة اما ان يرسل للارشاد او يبقى فى حضور الوصلة ولا يريد الفرقة كالشيخ ابى يزيد البسطامي فانه لا يختر الإرشاد ولكن الإرشاد طريقة الأنبياء عليهم السلام فانه ما من نبى الا وهو قد بعث وأرسل لارشاد الخلق ولم يبق فى عالم الحضور: قال فى المثنوى خطابا من قبل الله تعالى الى حضرة النبي عليه السلام
هين بمگذار اى شفا رنجور را ... تو ز خشم كور عصاى كور را
نى تو گفتى قائد أعمى براه ... صد ثواب واجر يابد از اله
هر كه او چل گام كورى را كشد ... كشت آمر زيده ويابد رشد
پس بكش تو زين جهان بي قرار ... چوق كورانرا قطار اندر قطار
كار هادى اين بود تو هادىء ... ماتم آخر زمانرا شادىء
هين روان كن اى امام المتقين ... اين خيال انديشگان را تا يقين
خيز دردم تو بصور سهمناك ... تا هزاران مرده بررويد ز خاك
واهل الحقيقة والعلماء العاملون المتجردون عن الغرض سوى إعلاء كلمة الله تعالى محفوظون فى أقوالهم وأفعالهم- وحكى- ان زاهدا من التابعين كسر ملاهى مروان بن الحكم الخليفة فاتى له به فامر بان يلقى بين يدى الأسد فالقى فلما دخل ذلك الموضع افتتح الصلاة فجاءت الأسد وجعلت تحرك ذنبها حتى اجتمع عليه ما كان فى ذلك الموضع من الأسد فجعلت تلحسه بألسنتها