للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدماتها أصلا ففيها من الدلالة على كمال النزاهة ما ليس فى المحصنات قال فى التعريفات الغفلة عن الشيء هى ان لا يخطر ذلك بباله الْمُؤْمِناتِ اى المتصفات بالايمان بكل ما يجب ان يؤمن به من الواجبات والمحظورات وغيرها ايمانا حقيقيا تفصيليا كما ينبئ عنه تأخير المؤمنات عما قبلها مع أصالة وصف الايمان والمراد بها عائشة الصديقة رضى الله عنها والجمع باعتبار ان رميها رمى لسائر أمهات المؤمنين لاشتراك الكل فى العصمة والنزاهة والانتساب الى رسول الله عليه السلام كما فى قوله تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) ونظائره لُعِنُوا بما قالوا فى حقهن وهتكوا حرمتهن فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ حيث يلعنهم اللاعنون من المؤمنين والملائكة ابدا: وبالفارسية [دور كرده شدند در دنيا از نام نيكو در آخرت از رحمت يعنى درين عالم مردود وملعونند ودر ان سراى مبغوض ومطرود] واصل اللعنة الطرد والابعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى فى الآخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع عن قبول فيضه وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره وَلَهُمْ مع ما ذكر من اللعن الابدى عَذابٌ عَظِيمٌ لعظم ذنوبهم قال مقاتل هذا خاص فى عبد الله بن أبيّ المنافق واليه الاشارة بقول حضرة الشيخ نجم الدين فى تأويلاته (إِنَّ الَّذِينَ) إلخ اى ان الذين لم يكونوا من اهل بدر من اصحاب الافك اه ليخرج مسطح ونحوه كما سبقت الاشارة الى مغفرته وقال بعضهم الصحيح انه حكم كل قاذف ما لم يتب لقوله عليه السلام (اجتنبوا الموبقات السبع الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المؤمنات الغافلات) وعن ابن عباس رضى الله عنهما من قذف ازواج النبي عليه السلام فلا توبة له ومن قذف مؤمنة سواهن قد جعل الله له توبة ثم قرأ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ)

الى قوله (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) الآية يَوْمَ ظرف لما فى الجار والمجرور المتقدم من معنى الاستقرار تَشْهَدُ الشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصر او بصيرة عَلَيْهِمْ تقديمه على الفاعل للمسارعة الى بيان كون الشهادة ضارة لهم أَلْسِنَتُهُمْ بغير اختيار منهم وهذا قبل ان يختم على أفواههم فلا تعارض بينه وبين قوله تعالى (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فتخبر كل جارحة بما صدر من أفاعيل صاحبها لا ان كلا منها تخبر بجنايتها المعهودة فقط فالموصول عبارة عن جميع أعمالهم السيئة يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ التوفية بذل الشيء وافيا والوافي الذي بلغ التمام والدين الجزاء والحق منصوب على ان يكون صفة للدين اى يوم إذ تشهد جوارحهم بأعمالهم القبيحة يعطيهم الله جزاءهم الثابت الواجب الذي هم اهله وافيا كاملا وَيَعْلَمُونَ عند معاينتهم الأهوال والخطوب أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ اى الظاهر حقيته لما انه ابان لهم حقية ما كان يعدهم به فى الدينا من الجزاء ويقال ان ما قال الله هو الحق وفى الآية امور منها بيان جواز اللعنة على من كان من أهلها قال الامام الغزالي رحمه الله الصفات المقتضية للعن ثلاث الكفر والبدعة والفسق وله فى كل واحدة ثلاث مراتب الاولى اللعن بالوصف الأعم كقولك لعنة الله على الكافرين او المبتدعة او الفسقة والثانية اللعن باوصاف أخص منه كقولك لعنة الله على اليهود والنصارى او على القدرية والخوارج والروافض

<<  <  ج: ص:  >  >>