الإنسان العاقل يمشى على الأرض وهو غافل أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بإتيانه اى فى حال غفلتهم
ديدى آن قهقه كبك خرامان حافظ ... كه ز سر پنجه شاهين قضا غافل بود
أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ التقلب [بركشتن] وفى القاموس تقلب فى الأمور تصرف كيف شاء انتهى اى فى حالتى تقلبهم فى مسايرتهم ومتاجرهم واسباب دنياهم وقال سعدى المفتى الظاهر ان المراد من قوله او يأتيهم إلخ حال نومهم وسكونهم ولا يلزم ان يكون من جانب السماء ومن الثانية إتيانه حال يقظتهم وتصرفهم كقوله تعالى فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ بناجين من عذاب الله القهار سابقين قضاءه بالهرب والفرار على ما يوهمه التقلب والسير فى الديار وفى الحديث (ان الله ليملى للظالم حتى إذا اخذه لم يفلته) اى ليمهل ويطول عمره حتى يكثر منه الظلم ثم يأخذه أخذا شديدا فاذا اخذه لم يتركه ولم يخلصه أحد من الله وفى الحديث تسلية للمظلوم ووعيد للظالم لئلا يغتر بامهاله: قال الشيخ سعدى قدس سره
مها زورمندى مكن بركهان ... كه بر يك نمط مى نماند جهان
نمى ترسى اى كرك ناقص خرد ... كه روزى پلنگيت بر هم درد
أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ قال فى القاموس تخوف الشيء تنقصه ومنه او يأخذهم على تخوف انتهى. ولقى رجل أعرابيا فقال يا فلان ما فعل دينك فقال تخوفته يعنى تنقصته كما فى تفسير ابى الليث. والمعنى او يأخذهم على ان ينقصهم شيأ بعد شىء فى أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا ولا يهلكهم فى حالة واحدة فيكون المراد مما قبلها عذاب الاستئصال ومنها الاخذ شيأ فشيأ والمراد بذكر الأحوال الثلاث بيان قدرة الله تعالى على إهلاكهم بأى وجه كان لا الحصر فيها فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث لا يعاجلكم بالعقوبة ويحلم عنكم مع استحقاقكم لها والمعنى انه إذا لم يأخذكم مع ما فيه فانما رأفته تقيكم ورحمته تحميكم وفى التأويلات النجمية رؤف بالعباد إذا عطاهم حسن الاستعداد رحيم عليهم عند إفساد استعدادهم بالمعاصي بان لا يأخذهم فى الحال ويتوب عليهم فى المآل ويقبل توبتهم بالفضل والنوال ومن المعاصي التقلب من اعمال الدنيا الى اعمال الآخرة بالرياء او من اعمال الآخرة الى اعمال الدنيا بالهوى وعذابه الرد من حرم القبول والرجع من درجات الوصول فعلى العاقل التيقظ فى الأمور وترك السيئات والشرور فانه لا يشعر من اين يأتى العذاب من قبل الأعمال الدنيوية او من قبل الأعمال الاخروية ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه ان يسيئ الأدب بإظهار دعوى مثلا فتؤخر العقوبة عنه امهالا له فيظنه إهمالا فيقول لو كان هذا سوء ادب لقطع الامداد وأوجب الابعاد اعتبارا بظاهر الأمر وما ذلك الا لفقد نور بصيرته او ضعف نورها وإلا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن انه متوفر فى عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان قال بعضهم الزم الأدب ظاهرا وباطنا فما أساء أحد الأدب فى الظاهر إلا عوقب ظاهرا ولا أساء أحد الأدب فى الباطن الا عوقب باطنا من ضيع الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب ومردود من حيث