دوامهم على ذلك لا احداثه فانهم كانوا كذلك وهما أمران بتقدير اللام لدلالة ذرهم عليه او جواب امر على التجوز لان الأمر بالترك يتضمن الأمر بهما اى دعهم وبالغ فى تخليتهم وشأنهم بل مرهم بتعاطى ما يتعاطون وَيُلْهِهِمُ اى يشغلهم عن اتباعك او عن الاستعداد للمعاد الْأَمَلُ التوقع لطول الأعمار وبلوغ الأوطار واستقامة الأحوال وان لا يلقوا فى العاقبة والمآل إلا خيرا: قال الصائب
در سر اين غافلان طول امل دانى كه چيست ... آشيان كردست مارى در كبوتر خانه
قال فى بحر العلوم ان الأمل رحمة لهذه الامة لو لاه لتعطل كثير من الأمور وانقطع اغلب اسباب العيش والحياة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انما الأمل رحمة الله لا متى لولا الأمل ما أرضعت أم ولدا ولا غرس غارس شجرا) رواه انس والحكمة لا تقتضى اتفاق الكل على الإخلاص والإقبال الكلى على الله فان ذلك مما يخل بامر المعاش ولذلك قيل لولا الحمقى لخربت الدنيا قال بعضهم لو كان الناس كلهم عقلاء لما أكلنا رطبا ولا شربنا ماء باردا يعنى ان العقلاء لا يقدمون على صعود النخيل لا جتناء الرطب ولا على حفر الآبار لاستنباط الماء البارد كما فى اليواقيت قال فى شرح الطريقة الأمل ارادة الحياة للوقت للتراخى بالحكم والجزم اعنى بلا استثناء ولا شرط صلاح وهو مذموم فى الشرع جدا وغوائله اربع الكسل فى الطاعة وتأخيرها وتسويف التوبة وتركها وقسوة القلب بعد ذكر الموت والحرص على جمع الدنيا والاشتغال بها عن الآخرة فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ سوء صنيعهم إذا عاينوا جزاءه وهو وعيد لهم قال فى التأويلات النجمية قوله ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ تهديد لنفس ذاقت حلاوة الإسلام ثم عادت الى طبعها الميشوم واستحلت مشار بها من نعيم الدنيا واستحسنت زخارفها فيهددها بأكل شهوات الدنيا والتمتع بنعيمها ثم قال فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ما خسروا من انواع السعادات والكرامات والدرجات والقربات ومافات منهم من الأحوال السنية والمقامات العلية وما أورثتهم الدنيا الدنية من البعد من الله والمقت وعذاب نار القطيعة والحرمان وَما أَهْلَكْنا شروع فى بيان سر تأخير عذابهم الى يوم القيامة وعدم نظمهم فى سلك الأمم الدارجة فى تعجيل العذاب اى وما أهلكنا مِنْ قَرْيَةٍ من القرى بالخسف بها وباهلها كما فعل ببعضها او باخلائها عن أهلها غب إهلاكهم كما فعل بآخرين إِلَّا وَلَها فى ذلك الشأن كِتابٌ اى أجل مقدر مكتوب فى اللوح المحفوظ واجب المراعاة بحيث لا يمكن تبديله لوقوعه حسب الحكمة المقتضية له مَعْلُومٌ لا ينسى ولا يغفل حتى يتصور التخلف عنه بالتقدم والتأخر. فكتاب مبتدأ خبره الظرف والجملة حال من قرية فانها لعمومها لا سيما بعد تأكده بكلمة من فى حكم الموصوفة كما أشير اليه. والمعنى وما أهلكنا قرية من القرى فى حال من الأحوال إلا حال ان يكون لها كتاب اى أجل مؤقت لهلكها قد كتبناه لا نهلكها قبل بلوغه معلوم لا يغفل عنه حتى تمكن مخالفته بالتقدم والتأخر او صفة للقرية المقدرة التي هى بدل من المذكورة على المختار فيكون بمنزلة كونه صفة للمذكورة اى وما أهلكنا قرية من القرى الا قرية لها كتاب معلوم وتوسيط الواو بينهما وان كان القياس عدمه للايذان