تلك التقدمات والتأخرات الاسوتية فكل ما يجرى على الإنسان من بداية ولادته الى نهاية عمره من الافعال والأقوال والأخلاق والأحوال كلها من آثار خواص أودعها الله فى الروح فبحسب قرب كل روح الى روح الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده عنه له اعمال ونيات تناسب حاله فى الاسوة فاما حال اهل القرب منهم فبان يكون عملهم على وفق السنة خالصا لوجه الله تعالى كما قال (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ) واما من هو دونهم فى القرب والإخلاص فبان يكون عملهم لليوم الآخر اى للفوز بنعيم الجنان كما قال تعالى (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) اى لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ثم جعل نيل هذه المقامات مشروطا بقوله تعالى (وَذَكَرَ اللَّهَ) كثيرا لان فى الذكر وهو كلمة لا اله الا الله نفيا واثباتا وهما قدمان للسائرين الله تعالى وجناحان للطائرين بالله بهما يخرجون من ظلمات الوجود المجازى الى نور الوجود الحقيقي انتهى كلام التأويلات وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ اى الجنود المجتمعة لمحاربة النبي عليه السلام وأصحابه يوم الخندق. والحزب جماعة فيها غلظ كما فى المفردات قالُوا هذا البلاء العظيم ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ بقوله تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) الآية وقوله عليه السلام (سيشتدّ الأمر باجتماع الأحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم) وقوله عليه السلام (ان الأحزاب سائرون إليكم بعد تسع ليال او عشر) وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ اى ظهر صدق خبر الله ورسوله وَما زادَهُمْ ما رأوه: وبالفارسية [ونيفزود ديدن احزاب مؤمنانرا] إِلَّا إِيماناً بالله ومواعيده وَتَسْلِيماً لاوامره ومقاديره وقال الكاشفى [وكردن نهادن احكام امر حضرت رسالت پناهى را كه سعادت دو سراى دران تسليم مندرجست]
هر كه دارد چون قلم سر بر خط فرمان او ... مى نويسد بخت طغراى شرف بر نام او
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بالإخلاص رِجالٌ صَدَقُوا أتوا الصدق فى ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ من الثبات مع الرسول والمقاتلة لاعلاء الدين اى حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم وهم عثمان بن عفان وطلحة بن عبد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وحمزة ومعصب بن عمير وانس بن النضر وغيرهم رضى الله عنهم نذروا انهم إذا لقوا حزبا مع رسول الله ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا قال الحكيم الترمذي رحمه الله خص الله الانس من بين الحيوان ثم خص المؤمنين من بين الانس ثم خص الرجال من المؤمنين فقال (رِجالٌ صَدَقُوا) فحقيقة الرجولية الصدق ومن لم يدخل فى ميادين الصدق فقد خرج من حد الرجولية واعلم ان النذر قربة مشروعة وقد اجمعوا على لزومه إذا لم يكن المنذور معصية واما قوله عليه السلام (لا تنذروا فان النذر لا يغنى من القدر شيأ) فانما يدل على ان النذر المنهي لا يقصد به تحصيل غرض او دفع مكروه على ظن ان النذر يرد من القدر شيأ فليس مطلق النذر منهيا إذ لو كان كذلك لما لزم الوفاء به وآخر الحديث (وانما يستخرج به من البخيل) وهو اشارة الى لزومه لان غير البخيل يعطى باختياره بلا واسطة النذر والبخيل انما يعطى بواسطة النذر الموجب عليه واما لو كان النذر وعدمه سواء عنده وانما نذر لتحقيق عزيمته وتوكيدها فلا كلام