كالمرصد لكن يقال للمكان الذي اختص بالترصد والترقب وقوله ان جهنم كانت مرصادا تنبيه على ان عليها مجاز الناس انتهى كأنه عمم المرصاد حيث ان الصراط محبس للاعداء وممر للاوليا والاول اولى لان الترصد فى مثل ذلك المكان الهائل انما هو للتعذيب وهو للكفار والأشقياء لِلطَّاغِينَ متعلق بمضمر هو إما نعت لمرصادا اى كائنا للطاغين وقوله تعالى مَآباً بدل منه اى مرجعا يرجعون اليه لا محالة واما حال من مأبا قدمت عليه لكونه نكرة ولو تأخرت لكانت صفة له قالوا الطاغي من طغى فى دينه بالكفر وفى دنياه بالظلم وهو فى اللغة من جاوز الحد فى العصيان والمراد هنا المشركون لما دل عليه ما بعده من الآيات وعدانهم لا يتناهى لكون اعتقادهم باطلا وكذا إذا لم يعتقدوا شيأ أصلا وان كان الاعتقاد صحيحا كالمؤمن العاصي فعذابه متناه لابِثِينَ فِيها حال مقدرة من المستكن فى للطاغين اى مقدرين اللبث فيها واللبث أن يستقر فى المكان ولا يكاد ينفك عنه يقال لبث بالمكان أقام به ملازما له أَحْقاباً ظرف للثهم وهو جمع حقب وهو ثمانون سنة او اكثر والدهر والسنة أو السنون كما فى القاموس وأصل الحقب من الترادف والتتابع يقال أحقب إذا أردف ومنه الحقيبة وهى الرفادة فى مؤخر القتب وكل ما شد فى مؤخر رحل او قتب فقد احتقب والمحقب المردف وفى تاج المصادر الاحقاب در حقيبه نهادن. ومنه الحديث فأحقبها على ناقة اى أردفها على حقيبة الرحل والارداف از پى فرا شدن واز پى كسى در نشستن ودر نشاندن فمعنى أحقابا دهورا متتابعة كلما مضى حقب تبعة حقب آخر الى غير نهاية فان الحقب لا يكاد يستعمل الا لا يراد تتابع الازمنة وتواليها كما قال ابو الليث انما ذكر أحقابا لان ذلك كان ابعد شىء عندهم فذكر وتكلم بما يذهب اليه اوهامهم ويعرفونها وهو كناية عن التأبيد اى يمكثون فيها ابدا انتهى دل عليه ان عمر رضى الله عنه سأل رجلا من هجر عن الاحقاب فقال ثمانون سنة كل يوم منها الف سنة انتهى فانهم انما يريدون بمثله التأبيد وكذا ما قال مجاهد ان الاحقاب ثلاثة وأربعون حقبا كل حقب سبعون خريفا كل خريف سبعمائة سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما واليوم ألف سنة من ايام الدنيا كما روى ابن عباس وابن عمر رضى الله عنهم وكذا لو أريد بالحقب الواحد سبعون ألف سنة اليوم منها ألف سنة كما روى عن الحبس البصري رحمه الله وقال الراغب والصحيح ان الحقبة مدة من الزمان مهمة اى لا ثمانون عاما وكذا قال فى لقاموس الحقبة بالكسر من الدهر مدة لا وقت لها انتهى والحاصل ان الاحقاب يدل على التناهى فهو وان كان جمع قلة لكنه بمنزلة جمع كثرة وهو الحقوب او بمنزلة الاحقاب المعرف بلام الاستغراق ولو كان فيه ما يدل على خروجهم منها فدلالته من قبيل المفهوم فلا يعارض المنطوق الدال على خلود الكفار كقوله تعالى يريدون ان يخرجوا من النار وما هم يخارجين منها ولهم عذاب مقيم لان المنطوق راجح على المفهوم فلا يعارضه وقال ابو حيان المدة منسوخة بقوله فلن نزيدكم الا عذابا انتهى وسيأتى وجوه اخر لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً جملة مبتدأة ومعنى لا يذوقون لا يحسون والا فأصل الذوق وجود الطعم و (قال الكاشفى) يعنى نمى نمايند الا أن يكون ذلك باعتبار الشراب والذوق فى التعارف وان كان للقليل فهو صالح للكثير