على أحد من الخلق من ملك وانس وجن وغيرهم وفى الآية اشارة الى اختلاف ألسنة القلوب وألسنة النفوس فان لسان القلوب يتحرك بالميل الى العلويات وفى طلبها يتكلم ولسان النفوس يتحرك بالميل الى السفليات وفى طلبها يتكلم كما يشاهد فى مجالس اهل الدنيا ومحافل اهل الآخرة: ومن كلمات مولانا قدس سره
ما را چهـ از ين قصه كه كاو آمد وخر رفت ... اين وقت عزيزست ازين عربده باز آي
وايضا اشارة الى اختلاف الألوان اى الطبائع منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ومنكم من يريد الله ان فى ذلك لآيات للعارفين الذين عرفوا حقيقة أنفسهم وكماليتها فعرفوا الله ورأوا آياته بإراءته إياهم لقوله تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) ثم ان الله تعالى خلق الآيات وأشار إليها مع وضوحها تنبيها للناظرين وتعليما للجاهلين وتكميلا للعالمين فمن له بصر رآها ومن له بصيرة عرفها يقال الأمم على اختلاف الأزمان والأديان متفقة على مدح اخلاق اربعة العلم والزهد والإحسان والامانة والمتعبد بغير علم كحمار الطاحونة يدور ولا يقطع المسافة ثم ان المعتبر هو العلم بالله الناظر الى عالم الملكوت وهذا العلم من الآيات الكبرى وصاحبه يشاهد الشواهد العظمى بالبصيرة الاجلى بل يعلم الكائنات قبل وجودها ويخبر بها قبل حصول أعيانها وفى زماننا قوم لا يحصى عددهم غلب عليهم الجهل بمقام العلم ولعبت بهم الأهواء حتى قالوا ان العلم حجاب ولقد صدقوا فى ذلك لو اعتقدوا اى والله حجاب عظيم يحجب القلب عن الغفلة والجهل قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره السماء رحمة للارض وبطن الأرض رحمة لظهرها والآخرة رحمة للدنيا والعلماء رحمة للجهال والكبار رحمة للصغار والنبي عليه السلام رحمة للخلق والله تعالى رحيم بخلقه وأجناس العلوم كثيرة منها علم النظر وعلم الخبر وعلم النبات وعلم الحيوان وعلم الرصد الى غير ذلك من العلوم ولكل جنس من هذه العلوم وأمثالها فصول تقومها وفصول تقسمها فلننظر ما تحتاج اليه فى أنفسنا مما تقترن به سعادتنا فنأخذه ونشتغل به ونترك ما لا نحتاج اليه احتياجا ضروريا مخافة فوت الوقت حتى تكون الأوقات لنا ان شاء الله تعالى. والذي يحتاج من فصول هذه الأجناس فصلان فصل يدخل تحت جنس النظر وهو علم الكلام ونوع آخر يدخل تحت جنس الخبر وهو الشرع والعلوم الداخلة تحت هذين النوعين التي يحتاج إليها فى تحصيل السعادة ثمانية وهى الواجب والجائز والمستحيل والذات والصفات والافعال وعلم السعادة وعلم الشقاوة فهذه الثمانية واجب طلبها على كل طالب نجاة نفسه وعلم السعادة والشقاوة موقوف على معرفة الواجب والمحظور والمندوب والمكروه والمباح. واصول هذه الاحكام الخمسة ثلاثة الكتاب والسنة المتواترة والإجماع كذا فى مواقع النجوم للشيخ الأكبر قدس سره الأطهر وفقكم الله وإيانا لهذه العلوم النافعة وشرح ضدورنا بالفيوض والاسرار وجعلنا مستضيئين بين شمس وقمر الى نهاية الأعمار وفناء الدار وَمِنْ آياتِهِ اى ومن اعلام قدرته تعالى على مجازاة العباد فى الآخرة مَنامُكُمْ مفعل من النوم اى نومكم الذي هو راحة لابدانكم وقطع لاشغالكم ليدوم لكم به البقاء الى آجالكم بِاللَّيْلِ كما هو المعتاد