للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كوزه چشم حريصان پر نشد ... تا صدف قانع نشد پر در نشد

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى فان من فعل ذلك لا اجر له في صدقته وعليه وزر منه على الفقير ووزر إيذائه وقد سبق معنى المن والأذى والمراد بابطال الصدقة احباط أجرها لان الصدقة لما وقعت وتقدمت لم يمكن ان يراد بابطالها نفسها بل المراد احباط أجرها وثوابها لان الاجر لم يحصل بعد فيصح ابطاله بما يأتيه من المن والأذى كَالَّذِي المراد المنافق لان الكافر معلن كفره غير مراء والكاف في محل النصب على انه صفة لمصدر محذوف اى لا تبطلوها ابطالا كابطال المنافق الذي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ اى لاجل رئائهم يعنى ليقال انه كريم وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لا يريد بانفاقه رضى الله ولا ثواب الآخرة. ورئاء من راآى نحو قاتل قتالا ومعنى المفاعلة هاهنا مبنى على ان المرائى فى الانفاق يراعى ان تراه الناس فيحمدوه فَمَثَلُهُ اى حالته العجيبة كَمَثَلِ صَفْوانٍ اى حجر صاف أملس وهو واحد وجمع فمن جعله جمعا فواحده صفوانة ومن جعله واحدا فجمعه صفى عَلَيْهِ تُرابٌ اى يسير منه فَأَصابَهُ وابِلٌ اى مطر شديد الوقع كبير القطر فَتَرَكَهُ صَلْداً أملس ليس عليه شىء من الغبار لا يَقْدِرُونَ كأنه قيل فماذا يكون حالهم حينئذ فقيل لا يقدرون عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا اى لا ينتفعون بما فعلوا رئاء ولا يجدون له ثوابا قطعا كقوله تعالى فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً يقال فلان لا يقدر على درهم اى لا يجده ولا يملكه فان قلت كيف قال لا يقدرون بعد قوله كالذى ينفق قلت أراد بالذي ينفق الجنس او الفريق الذي ينفق ولان من والذي يتعاقبان فكأنه قيل كمن ينفق فجمع الضمير باعتبار المعنى ولما ذكر تعالى بطلان امر الصدقة بالمن والأذى ذكر لكيفية ابطال أجرها بهما مثلين فمثله اولا بمن ينفق ماله رئاء الناس وهو مع ذلك كافر بالله واليوم الآخر فان بطلان اجر ما أنفقه هذا الكافر اظهر من بطلان اجر من يتبعها بالمن والأذى ثم مثله ثانيا بالصفوان الذي وقع عليه تراب وغبار ثم أصابه المطر فازال ذلك الغبار عنه حتى صار كانه ما كان عليه تراب وغبار أصلا فالكافر كالصفوان والتراب مثل ذلك الانفاق والوابل كالكفر الذي يحبط عمل الكافر وكالمن والأذى اللذين يحبطان عمل هذا المنفق فكما ان الوابل أزال التراب الذي وقع على الصفوان فكذا المن والأذى يجب ان يكونا مبطلين لاجر الانفاق بعد حصوله وذلك صريح في القول بالإحباط والتكفير كما ذهب اليه المعتزلة القائلون بان الأعمال الصالحة توجب الثواب وان الكبائر تحبط ذلك الثواب واما أصحابنا القائلون بان الثواب تفضل محض فانهم قالوا ليس المراد بقوله لا تبطلوا النهى عن ازالة هذا الثواب بعد ثبوته بل المراد النهى عن ان يأتى بهذا العمل باطلا وبيانه ان المن والأذى يخرجانه من ان يترتب عليه الاجر الموعود لان العمل انما يؤدى الى الاجر الموعود إذا اتى به العامل تعبدا وطاعة وابتغاء لما عند الله تعالى من الاجر والرضوان وعملا بقوله تعالى وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وبقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ فمن كان حامله على العمل ابتغاء ما عند الله مما وعده للمخلصين فقد جرى على سنن المبادلة التي وقعت

<<  <  ج: ص:  >  >>