للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسهم بارتكاب المعصية او نقصوا حظوظهم بمباشرة ما يخل بالكرامة والنعيم او تعدوا حدود الله قال القرطبي قال بعض ارباب المعاني في قوله ولا تقربا اشعار بالوقوع في الخطيئة والخروج من الجنة وان سكناهما فيها لا يدوم لان المخلد لا يحظر عليه شىء ولا يؤمر ولا ينهى والدليل على هذا قوله تعالى إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فدل على خروجه منها قال الشيخ نجم الدين قدس سره ان آدم خاطبه مولاه خطاب الابتلاء والامتحان والنهى نهى تعزز ودلال كأنه قال يا آدم ابحت لك الجنة وما فيها الا هذه الشجرة فانها شجرة المحبة والمعرفة والمحبة مطية المحنة وأن منعه منها كان تحريضا على تناولها فان الإنسان حريص على ما منع فسكنت نفس آدم الى حواء والى الجنة وما فيها الا الى الشجرة المنهي عنها لانها كانت مشتهى القلب وكان للنفس فيها حظ ولا يزال يزداد توقانه إليها فيقصدها حتى تناول منها فظهر سر الخلافة والمحبة والمحنة والتحقق بمظاهر الجمال والجلال كالتواب والغفور والعفو والقهار والستار والحاصل انه لما علم الله تعالى انه يأكل من الشجرة نهاه ليكون أكله عصيانا يوجب توبة ومحبة وطهارة من تلوث الذنب كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فاورثه ذلك النهى عن أكل الشجرة عصيانا بسبب النسيان ثم توبة بسبب العصيان ثم محبة بسبب التوبة ثم طهارة بسبب المحبة كما ورد في الخبر (إذا أحب الله عبدا لم يضره الذنب) اى حفظه من الذنب وإذا وقع فيه وفقه للتوبة والندامة وكل زلة عاقبتها التوبة والتشريف والاجتباء فقيل هي زلة تنزيه واستحقاق آدم اللوم بالنهى التنزيهي من قبيل حسنات الأبرار سيآت المقربين قال مرجع طريقتنا الجلوتية الشيخ الشهير بالهدائي قدس سره المراد بالدعوة الى الجنة الدعوة الى مقام الروح في وجود بنى آدم كأنه قال لقلب الإنسان يا آدم القلب اسكن أنت وزوجك وهي النفس الانسانية في الروح بالطاعات والعبادات وَكُلا مِنْها رَغَداً اى كلا من المعارف الالهية لان الروح مقام المعرفة التي تحصل بسبب الطاعات والعبادات حَيْثُ شِئْتُما أي عمل احببتما من الخيرات والصالحات وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ اى شجرة المخالفة فان هذا الخطاب لما كان يشمل عامة العباد الى يوم القيامة لم ينحصر فى آدم وحواء عليهما السلام فينبغى للمؤمن ان يترقى الى الله تعالى بسبب الطاعات والعبادات ويجتنب عن المخالفات حتى لا يقع في المهالك والدركات: قال في المثنوى

داروى مردى بخور اندر عمل ... تا شوى خورشيد كرم اندر حمل «١»

جهد كن تا نور تو رخشان شود ... تا سلوك وخدمتت آسان شود «٢»

تا جلا باشد مران آيينه را ... كه صفا زايد ز طاعت سينه را «٣»

فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها اى اذهب آدم وحواء وأبعدهما عن الجنة يقال زل عنى كذا إذا ذهب والازلال الازلاق والزلة بالفتح الخطأ وهو الزوال عن الصواب من غير قصد والمقصود حملهما على الزلة بطريق التسبب وهو بالوسوسة وبالغرور والدعاء فان قلت إبليس كافر والكافر لا يدخل الجنة فكيف دخل هو قلت منع من الدخول على وجه التكرمة كما يدخلها الملائكة ولم يمنع من الدخول للوسوسة ابتلاء لآدم وحوا فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ


(١) در اواخر دفتر پنجم دربيان حكايت آن مخنت الخ
(٢) در اواخر دفتر سوم در بيان طاغى در عين قاهرى الخ
(٣) در اواخر دفتر پنجم در بيان آنكه لطفها در قهرها پنهان است الخ

<<  <  ج: ص:  >  >>