من النعيم والكرامة ولم يقصد إبليس إخراج آدم من الجنة وانما قصد إسقاطه من مرتبته وابعاده كما ابعد فلم يبلغ مقصده قال الله تعالى فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى قال الشيخ صدر الدين قدس سره في الفكوك لما سمع آدم قول إبليس ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ صدقه هو وزوجته وهذه القضية تشتمل على أمرين مشكلين لم ار أحدا تنبه لهما ولا أجابني أحد من اهل العلم الظاهر والباطن عنهما وهو انه عليه السلام بعد سجود الملائكة له بأجمعهم ومشاهدة رجحانه عليهم بذلك وبعلم الأسماء والخلافة ووصية الحق له كيف اقدم على المخالفة وتسوف بقول إبليس الا ان تكونا ملكين وكيف لم يعلم ايضا ان من دخل الجنة المعرفة بلسان الشريعة لم يخرج منها وان النشأة الجنانية لا تقبل الكون والفساد فهى لذاتها تقتضى الخلود وكان هذه الحال تدل دلالة واضحة على ان الجنة التي كان فيها ليست الجنة التي عرضها السموات والأرض والتي ارضها الكرسي الذي هو الفلك الثامن وسقفها عرش الرحمن فان تلك الجنة لا يخفى على من دخلها انها ليست محل الكون والفساد ولا ان يكون نعيمها موقتا ممكن الانقطاع فان ذلك المقام يعطى بذاته معرفة ما تقتضيه حقيقته وهو عدم انقطاع نعيمها بموت او غيره كما قال الله تعالى عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ اى غير منقطع ولا متناه فافهم فحال آدم وحواء في هذه القضية كحال بنى إسرائيل الذين قال الله في حقهم أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ الآية ولهذه المناسبة والمشاركة اردف الحق قصة آدم في سورة البقرة بقصة موسى وبنى إسرائيل مع ما بينهما من طول المدة فراعى سبحانه في ذلك المضاهاة فى الفعل والحال دون الزمان فهذا من اسرار القرآن انتهى كلام الشيخ فان قلت ما الحكمة فى ان الله تعالى لم يخلق الإنسان في الجنة ابتداء ولم ابتلاء بالخروج الى الدنيا قلت تعظيم النعم على العباد واجب فلو لم يخلقوا في الدنيا ابتداء ما عرفوا قدر الجنة وقيل ليكونوا في الجنة على الجزاء لا على الابتداء وليأمنوا الزوال وقيل خلقنا في الدنيا ليميز الله الخبيث من الطيب والمطيع من المخالف لاقتضاء الصفات الجلالية لان الجنان ليست من مظاهر الجلال ولو خلقنا وبقينا فى الجنة لما ظهر فينا صفات الجلال كما لم تظهر في الملك فالحكمة الإلهية اقتضت خلق الإنسان فى الدنيا وظهور المخالفة منه ليظهر فيه الرحمة والغفران فلو بقي آدم في الجنة لفاته نصف الكمال الذي هو التجليات القهرية فخرج ليتحقق بمظاهر اسماء الجمال والجلال ثم يرد الى عالم الجنان كاملا مكملا بانواع الفضائل والكمالات والمقصود ايضا كما سبق تميز الخبيث من الطيب وقد قدر الله تعالى ان يخرج من صلبه سيد المرسلين صلى الله تعالى عليه وسلم وإخوانه من الأنبياء والأولياء والمؤمنين وخمر طينته بتراب كل مؤمن وعدو فاخرجه الى الدنيا ليخرج من ظهره الذين لا نصيب لهم في الجنة قال الشيخ الكامل المكمل على رده في هامش كشف الكنوز وحل الرموز وهو كتاب فريد في فنه وجدت تذكرة السؤال من بعض الملاحدة على كرسى سيدى ابن نور الدين في مجلس وعظ بجامع اياصوفيه من كلام خواجه حافظ شيرازى
من ملك بودم وفردوس برين جايم بود ... آدم آورد درين دير خراب آبادم