فاجاب الشيخ بديهة وفهم مراد الملحد عن السؤال فقال أنت أخرجت آدم من الجنة حيث هجت في صلبه باستعداد الفساد والإلحاد ولو لم يخرج أبونا آدم لبقيت الملاحدة والفجرة فى الجنة فاقتضت غيرة الحق خروجه وسئل ابو مدين قدس سره عن خروج آدم من الجنة على وجه الأرض ولم تعدى في أكل الشجرة بعد النهى فقال لو كان أبونا يعلم انه يخرج من صلبه مثل محمد صلى الله عليه وسلم لصار يأكل عرق الشجرة فكيف ثمرها ليسارع فى الخروج على وجه الأرض ليظهر الكمال المحمدي والجمال الأحمدي وسأل خليل الرحمن صلوات الله على نبينا وعليه فقال يا رب لم أخرجت آدم فقال اما علمت ان جفاء الحبيب شديد وقال مرجع طريقتنا الجلوتية الشيخ الشهير بافتاده افندى سر خروج آدم من الجنة انه رأى مرتبة من مراتب التوحيد أعلى من مرتبته التي هو فيها فسألها من الله تعالى فقيل له
لاتصل إليها الا بالبكاء فاحب آدم ان يبكى فقيل ان الجنة ليست موضع البكاء بل هي موضع السرور فطلب ان ينزل الى الدنيا فكون ما صدر عنه ذنبا بالنسبة اليه باعتبار قصور مرتبته عن المرتبة المطلوبة على نهج حسنات الأبرار سيآت المقربين كذا في واقعات الهدائى قال الشيخ نجم الدين قدس سره والاشارة ان آدم عليه السلام أصبح محمود العناية مسجود الملائكة متوجا بتاج الكرامة ملبسا بلباس السعادة في وسطه نطاق القربة وفي جيده طوق الزلفة لاحد فوقه في الرتبة ولا شخص معه في الرتبة يتوالى عليه النداء كل لحظة يا آدم فلما جاء القضاء ضاق الفضاء: قال في المثنوى
چون قضا آيد شود دانش بخواب ... مه سيه كردد بگيرد آفتاب
فلم يمس حتى نزع لباسه وسلب استئناسه تدفعه الملائكة بعنف ان اخرج بغير مكث ولا بحث فَأَزَلَّهُمَا يد التقدير بحسن التدبير الشَّيْطانُ عَنْها اى عن تلك العزة والقرابة وكان الشيطان المسكين في هذا الأمر كذئب يوسف لما أخذ بالجناية ولطخ فمه بدم كذب واخوته قد ألقوه في غيابة الجب فاخذ الشيطان لعدم العناية ولطخ خرطومه بدم نصح كذب فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ من السلامة الى الملامة ومن الفرح الى الترح ومن النعمة الى النقمة ومن المحبة الى المحنة ومن القربة الى الغربة ومن الالفة الى الكلفة ومن الوصلة الى الفرقة وكان قبل أكل الشجرة مستأنسا بكل شىء ومؤانسا مع كل أحد ولذلك سمى إنسانا فلما ذاق شجرة المحبة استوحش من كل شىء واتخذ كل أحد عدوا وهكذا شرط صحة المحبة عداوة ما سوى المحبوب فكما أن ذات المحبوب لا يقبل الشركة في التعبد كذا لا يقبل الشركة فى المحبة ولهذا قال اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وكذا كان حال الخليل في البداية يتعلق بالكوكب والقمر والشمس ويقول هذا رَبِّي فلما ذاق شجرة الخلة قال لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ وَقُلْنَا اهْبِطُوا خطاب لآدم وحواء وجمع الضمير لانهما أصلا الجنس فكانهما الجنس كله وقيل هو لخمسة وخامسهم الطاووس وهذا الأمر وان انتظمهم في كلمة فما كان هبوطهم جملة بل هبط إبليس حين لعن وهبوط آدم وحواء كان بعده بكثير الا ان يحمل على ان إبليس اخرج منها ثانيا