ما قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية انما قال المؤذن قد قامت الصلاة بلفظ الماضي مع ان الصلاة مستقبلة بشرى من الله لعباده لمن جاء الى المسجد ينتظر الصلاة او كان فى الطريق آتيا إليها او كان فى حال الوضوء بسببها او كان فى حال القصد الى الوضوء قبل الشروع فيه ليصلى بذلك الوضوء فيموت فى بعض هذه المواطن قبل وقوع الصلاة منه فبشره الله بان الصلاة قد قامت له فى هذه المواطن كلها فله اجر من صلاها وان كانت ما وقعت منه فلذلك جاء بلفظ الماضي لتحقق الحصول فاذا حصلت بالفعل ايضا فله اجر الحصول كذلك وقد ورد ان أحدكم فى صلاة ما انتظر الصلاة انتهى- روى- ان جنازتين أصيب أحدهما بمنجنيق والآخر توفى فجلس فضالة بن عبيد عند قبر المتوفى فقيل له تركت الشهيد فلم تجلس عنده فقال ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ان الله تعالى يقول (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا) الآية وفى الحديث (من خرج حاجا فمات كتب له اجر الحاج الى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب له اجر المعتمر الى يوم القيامة ومن خرج غازيا فمات كتب له اجر الغازي الى يوم القيامة) - روى- ان أبا طلحة رضى الله عنه لما غزا فى البحر فمات طلبوا جزيرة يدفنونه فيها فلم يقدروا عليها الا بعد سبعة ايام وما تغير جسده وهذا من صفة الشهداء وقال بعضهم مراتب حسن الأرزاق متفاوتة تفاوت حسن حال المرزوقين فلا تقتضى الآية تساوى المقتول والمتوفى على كل حال فللمقتول فى سبيل الله مزية على الميت بما أصابه فى ذات الله تعالى فهو أفضل منه ويدل عليه دلائل كثيرة منها قوله عليه السلام لما سئل أي الجهاد أفضل (ان يعقر جوادك ويهراق دمك) وايضا المقتول فى سبيل الله يجيئ وريح دمه ريح المسك والميت لم ينل ذلك وايضا المقتول يتمنى الرجعة الى الدنيا ليقتل فى سبيل الله مرة ثانية لما يرى من فضل الشهادة وليس كذلك الميت وايضا القتل فى سبيل الله يكفر كل ذنب ولم يرد ذلك فى الموت وايضا الميت فى سبيل الله يغسل والمقتول لا يغسل وايضا الشهيد المقتول يشفع ولم يرد ذلك فى الميت وايضا الشهيد يرى الحور العين قبل ان يجف دمه وليس كذلك الميت وفى الآية اشارة الى المهاجرة عن أوطان الطبيعة فى طلب الحقيقة وقتل النفس بسيف الصدق او الموت عن الأوصاف البشرية واجر هذا هو الرزق المعنوي فى الدنيا فرزق القلوب حلاوة العرفان ورزق الاسرار مشاهدات الجمال ورزق الأرواح مكاشفات الجلال: وفى المثنوى
اى بسا نفس شهيد معتمد ... مرده در دنيا وزنده مى رود «١»
اى بسا خامى كه ظاهر خويش ريخت ... ليك نفس زنده آن جانب كريخت
آلتش بشكست وره زن زنده ماند ... نفس زنده است ار چهـ مركب خون فشاند
ذلِكَ خبر مبتدأ محذوف اى الأمر ذلك الذي قصصنا عليكم وبينا لكم والجملة لتقرير ما قبله والتنبيه على ان ما بعده كلام مستأنف وَمَنْ [وهر كه] عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ اى من جازى الظالم بمثل ما ظلم ولم يزد فى الاقتصاص والعقوبة اسم لما يعقب الجرم من الجزاء وانما سمى الابتداء بالعقاب الذي هو جزاء الجناية اى مع انه ليس بجزاء يعقب الجريمة للمشاكلة او على سبيل المجاز المرسل فانه ما وقع ابتداء سبب لما وقع جزاء وعقوبة فسمى
(١) در اواخر دفتر پنجم در بيان رجوع بحكايت آن مجاهد در قتال