للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعمل عملا فى السفلى البدني الا بشرب يشربه النفس والبدن صاحب طعامه الذي يهيئ من الأعمال الصالحة ما يصلح لغذاء الروح والروح لا يبقى إلا بغذاء روحانى باق كما ان الجسم لا يبقى إلا بغذاء جسمانى وانما حبسا فى سجن الشريعة لانهما مهتمان بان يجعلا السم فى شراب ملك الروح وطعامه فيهلكاه وهو سم الهوى والمعصية فاذا كانا محبوسين فى سجن الشريعة أمن ملك الروح من شر هما والنفس والبدن كلاهما دنيوى واهل الدنيا نيام فاذا ماتوا انتبهوا وكل عمل يعمله اهل الدنيا هو بمثابة الرؤيا التي يراها النائم فاذا انتبه بالموت يكون لها تأويل يظهر لها فى الآخرة ويوسف القلب بتأويل مقامات اهل الدنيا عالم لانه من المحسنين اى الذين يعبدون الله على الرؤية والمشاهدة بقلوب حاضرة عند مولاهم وجوه ناضرة الى ربها ناظرة وكل حكم صدر من تلك الحضرة فهم شاهدوه فى الغيب كما قبل نزوله الى عالم الغيب فكسته القوة المتخيلة عند عبوره عليها كسوة خيالية تناسب معناه فصاحب الرؤيا ان كان عالما بلسان الخيال يعبره ولا يعرضه على المعبر ليكون ترجمانا له فيترجم له بلسان الخيال فيخبره عن الحكم الصادر من الحضرة الالهية فلهذا كانت الرؤيا الصالحة جزأ من اجزاء النبوة لانها فرع من الوحى الصادر من الله وتأويل الرؤيا جزء ايضا من اجزاء النبوة لانه علم لدنى يعلمه الله من يشاء من عباده قالَ يوسف أراد ان يدعو الفتيين الى التوحيد الذي هو اولى بهما وأوجب عليهما مما سألا منه ويرشد هما الى الايمان ويزينه لهما قبل ان يسعفهما بذلك كما هو طريقة الأنبياء والعلماء الصالحين فى الهداية والإرشاد والشفقة على الخلق فقدم ما هو معجزة من الاخبار بالغيب ليدلهما على صدقه فى الدعوة والتعبير لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ تطعمانه فى مقامكما هذا حسب عادتكما المطردة إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ استثناء مفرغ من أعم الأحوال اى لا يأتيكما طعام فى حال من الأحوال إلا حال ما نبأتكما به بان بينت لكما ماهيته من أي جنس هو ومقداره وكيفيته من اللون والطعم وسائر أحواله واطلاق التأويل عليه بطريق الاستعارة فان ذلك بالنسبة الى مطلق الطعام المبهم بمنزلة التأويل بالنظر الى ما رؤى فى المنام وشبيه له قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما قبل ان يصل اليكما وكان يخبر بما غاب مثل عيسى عليه السلام كما قال وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ: وفى المثنوى

اين طبيبان بدن دانشورند ... بر سقام تو ز تو واقفترند

تا ز قاروره همى بينند حال ... كه ندانى تو از ان رو اعتدال

هم ز نبض وهم ز رنگ وهم ز دم ... بو برند از تو بهر گونه سقم

پس طبيبان الهى در جهان ... چون ندانند از تو بي گفت دهان

هم ز نبضت هم ز چشمت هم ز رنگ ... صد سقم بينند در تو بى درنگ

اين طبيبان نو آموزند خود ... كه بدين آياتشان حاجت بود

كاملان از دور نامت بشنوند ... تا بقعر تا رو بودت در روند

بلكه پيش از زادن تو سالها ... ديده باشندت ترا با حالها

<<  <  ج: ص:  >  >>