قالَ الله تعالى يا نُوحُ إِنَّهُ اى ابنك لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الذين عمهم الوعد بالانجاء لخروجه منهم بالاستثناء فان مدار الاهلية هو القرابة الدينية ولا علاقة بين المؤمن والكافر وعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة انه ابنه غير انه خالفه فى العمل قال بعض الحكماء الابن إذا لم يفعل ما فعل الأب انقطع عنه والامة إذا لم يفعلوا ما فعل نبيهم أخاف ان ينقطعوا عنه فظهر ان لا فائدة فى نسب من غير علم وعمل وفى فخر بمجرد الآباء: قال السعدي قدس سره
چوكنعانرا طبيعت بى هنر بود ... پيمبر زادگى قدرش نيفزود
هنر بنماى اگر دارى نه كوهر ... كل از خارست وابراهيم از آزر
وفى الحديث (يا بنى هاشم لا يأتينى الناس بأعمالهم وتأتونى بانسابكم) والغرض تقبيح الافتخار لديه عليه السلام بالأنساب حين يأتى الناس بالأعمال
وما ينفع الأصل من هاشم ... إذا كانت النفس من باهله
وهى قبيلة معروفة بالدناءة لانهم كانوا يأكلون نقى عظام الميتة إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ أصله انه ذو عمل غير صالح فجعل نفس العمل مبالغة فى مداومته على العمل الفاسد ولم يقل عمل فاسد مع انهما متلازمان للايذان بان النجاة انما كانت بسبب الصلاح يقول الفقير لاح لى حين المطالعة معنى آخر وهو ان العمل بمعنى الكسب والفعل ولا يبعد ان يكون المعنى انه كسب غير صالح من غير احتياج الى تقدير مضاف وقد ورد فى الحديث تسمية الولد كسبا فى قوله (ان أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه) وفى قوله (أنت ومالك لابيك) قيل لحكيم وهو يواقع زوجته ما تعمل قال ان تم فانسانا فَلا تَسْئَلْنِ سمى نداؤه سؤالا لما فيه من السؤال والطلب اى إذا وقفت على جلية الحال فلا تطلب منى ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اى مطلبا لا تعلم يقينا ان حصوله صواب وموافق للحكمة إِنِّي أَعِظُكَ [پند ميدهم ترا] أَنْ تَكُونَ اى كراهة ان تكون مِنَ الْجاهِلِينَ عبر عن ترك الاولى بالجهل لان استثناء من سبق عليه القول قد دله على الحال وأغناه عن السؤال اشغله حب الولد عنه حتى اشتبه الأمر عليه فعوتب على ان اشتبه عليه ما يجب ان لا يشتبه قالَ عند ذلك قبلت يا ربى هذا التكليف فلا أعود اليه الا انى لا اقدر على الاحتراز منه الا باعانتك وهدايتك فلهذا بدأ اولا بقوله رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ اى من ان اطلب منك من بعد ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ اى مطلوبا لا اعلم ان حصوله مقتضى الحكمة يعنى احفظني بعد اليوم من المعاودة الى مثل السؤال وكان على قدم الاستغفار الى ان توفى وهذه عادة الصالحين انهم إذا وعظوا اتعظوا وإذا نبهوا للخطأ استغفروا وتعوذوا وحكى تعالى ما كان من الأنبياء عليهم السلام ليقتدى بهم فى الاستغفار وان لا يقطع الرجاء من رحمة الله تعالى وقد قبل الله تعالى توبة نوح عليه السلام كما يدل عليه قوله تعالى قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ ثم حقيقة التوبة تقتضى أمرين أحدهما العزم على ترك الفعل فى المستقبل واليه الاشارة بقوله إِنِّي أَعُوذُ بِكَ الخ والآخر الندم والاستغفار لما مضى واليه الاشارة بقوله وَإِلَّا مركب من ان ولا ثم ادغم أحدهما