الاجابة فاذا أجاب الله دعاء البعض فهو أكرم من ان يرد الباقي وفي الحديث (ادعوا الله بألسنة ما عصيتموه بها) قالوا يا رسول الله ومن لنا بتلك الالسنة قال (يدعو بعضكم لبعض لانك ما عصيت بلسانه وهو ما عصى بلسانك) وفي تفسير الفاتحة للفنارى ان استقامة التوجه حال الطلب والنداء عند الدعاء شرط قوى في الاجابة فمن زعم انه يقصد مناداة زيد وهو يستحضر غيره ثم لم يجد الاجابة فلا يلومن إلا نفسه إذ لم يناد القادر على الاجابة وانما توجه الى ما انشأه من صفات تصوراته بالحالة الغالبة عليه إذ ذاك روى ان فرعون قبل دعوى الإلهية امر ان يكتب على باب داره بسم الله فلما لم يؤمن بموسى قال الهى انى ادعوه ولا ارى فيه خيرا قال لعلك تريد إهلاكه أنت تنظر الى كفره وانا الى ما كتبه على بابه فمن كتبه على سويداء قلبه ستين سنة اولى بالرحمة فاذا كان حال من كتبه على باب داره هكذا فكيف حال من نقشه على باب قلبه يستجاب دعاؤه لا محالة وأول شرائط الاجابة إصلاح الباطن باللقمة الطيبة وآخرها الإخلاص وحضور القلب يعنى التوجه الاحدى والاشارة في تحقيق الآية ان الروح الإنساني وصفاته في عالم القلب بمثابة موسى وقومه وهو يستسقى ربه ليرويها من ماء الحكمة والمعرفة وهو مأمور بضرب عصا لا اله الا الله ولها شعبتان من النفي والإثبات تتقدان نورا عند الاستيلاء ظلمات صفات النفس وقد حملت من جنة حضرة العزة على حجر القلب الذي كالحجارة او أشد قسوة فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من ماء الحكمة لان كلمة لا اله الا الله اثنا عشر حرفا من كل حرف عين قد علم كل سبط من أسباط الصفات الانسانية وهم اثنا عشر سبطا من الحواس الخمس الظاهرة والحواس الخمس الباطنة والقلب والنفس ولكل واحد منهم مشرب من عين حرف من حروف الكلمة قد علم مشربه ومشرب كل واحد حيث ساقه رائده وقاده قائده فمشرب عذب فرات ومشرب ملح أجاج فالنفوس ترد مناهل المنى والشهوات والقلوب تشرب من مشارب التقى والطاعات والأرواح تشرب من زلال الكشوف والمشاهدات والاسرار تروى من عيون الحقائق بكأس تجلى الصفات عن ساقى وسقاهم ربهم شراب الاضمحلال فى حقيقة الذات كلوا واشربوا كل واحد من رزق الله بامره ورضاه ولا تعثوا في الأرض مفسدين بترك الأمر واختيار الوزر وبيع الدين بالدنيا وإيثار الآخرة على الاولى واختيارهما على المولى كذا في التأويلات النجمية وَإِذْ قُلْتُمْ تذكير لجناية اخرى لاسلاف بنى إسرائيل وكفرانهم لنعمة الله عز وجل خاطبهم تنزيلا لهم مكان آبائهم لما بينهم من الاتحاد وكان هذا القول منهم في التيه حين سئموا من أكل المن والسلوى لكونهما غير مبدلين والإنسان إذا دوام شيأ واحدا سئمه وتذكروا عيشهم الاول بمصر لانهم كانوا اهل فلاحة فنزعوا الى عكرهم عكر السوء واشتاقت طباعهم الى ما جرت عليه عادتهم فقالوا يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ الطعام ما يتغذى به وكنوا عن المن والسلوى بطعام واحد وهما اثنان لانهم كانوا يأكلون أحدهما بالآخر فيصيران طعاما واحدا او أريد بالواحد نفى التبدل والاختلاف ولو كان على مائدة الرجل ألوان عدة يداوم عليها كل يوم لا يبدلها قيل لا يأكل فلان الا طعاما واحدا وفي تفسير البغوي والعرب تعبر عن الواحد